انتحار ثمنه خمسة آلاف ريال

• خالد محمد الحسيني

خالد محمد الحسيني

لا يمكن أن نتجاوز الصورة المؤلمة للثلاثيني الذي حاول يوم الثلاثاء الماضي أن ينتحر عندما صعد سطح عمارة في تبوك ولا يمكن أن نتجاوز الصورة الاشد إيملاماً بوقوف اطفال الشاب في منظر أبكى حضور الحدث الذي كان ثمنه خمسة آلاف ريال كما جاء في خبر الصحف قيمة مخالفة نقل وهو يعيش بدون وظيفة ومع ايماننا بأن تصرف الشاب لا يتفق مع تعليمات الشريعة وهو أمر ثابت إلا أننا نتمنى أن نتوقف امام هذه الحادثة وعدد كبير غيرها لم يعرف به الناس ولو افترضنا أن قصة المخالفة ليست وراء رغبة الانتحار إلا أن بقاء شاب في هذا السن يعول عدداً من الأطفال بدون عمل مسؤولية العديد من الجهات وليست مسؤولية يتحملها هو وأسرته لأن مثل هذا الشاب لا يمكن له أن يرفض وظيفة مهما كان مرتبها وهو يعيش هذه الظروف لكن أين هي هذه الوظيفة حتى ولو كان مرتبها \”ستين ريالاً\” في اليوم الواحد حتى لا يستطيع أن يفي بجزء لا يذكر من متطلبات اسرته.
وأذكر موقفا لأحد اعلام الصحافة في بلادنا سمعته منه شخصياً قبل حوالي ستة أشهر وكنا في دعوة أحد الزملاء الاعلاميين لمسؤول اذكر أنه كان يرفض عدم وجود وظائف وعدم وجود فرص لأن \”الدكتور\” لديه ابن واحد قام بتوظيفه بشفاعته وآخر يدرس خارج المملكة لذلك اعتبر كل الناس مثله وبدى متحدثاً: يا أخي الشباب لا يريدون العمل وعندما واجهته بأن عدداً من الذين يحملون البكالوريوس لا يجدون عملاً رغم تخصصاتهم المطلوبة بسوق العمل والتعليم وغيره قال لي لا أصدق ذلك واضاف لقد اختار هؤلاء تخصصات غير مطلوبة فقلت له ان المتخصصين في الانجليزي والرياضيات والفيزياء وغيرها لا يجدون عملاً وأنا اتحدث من تجربة شخصية , اجابني الاعلامي الغائب أو الذي غيب نفسه عن وطنه ومجتمعه \”انني لا اصدق ذلك\” ثم استمر في عجرفته وقال : ايه رياضيات وانجليزي وفيزياء يا أخي اليوم نطلب الكمبيوتر والتخصصات الدقيقة في الهندسة والعلوم وعرفت بعد ذلك أن احد ابنائه متخصص في احد هذه التخصصات.
ان مثل هذا الانسان وغيره لا يعيشون هذا الوضع الذي كان الواجب عليهم أن يستغلوا علاقتهم بالقلم ويسجلوا رفضهم في وجود أمثال هذه الاحوال المتدنية التي يعشها شاب تبوك ومثله آلاف في عدد من مناطق المملكة لا يجدون وظائف بعد أن رضي حملة البكالوريوس ان يعملوا في أية وظيفة واسألوا المدارس الأهلية والشركات ورجال الأعمال انني مع رفض هذا الاسلوب الذي أقدم عليه هذا المواطن في تبوك لكنني أرى أنه وجه رسالة واضحة لا تحتاج إلى اعلان أو عشرات المقالات والشكاوي لاي جهة صاحبة علاقة.. إن اطفال الشاب كانوا يمثلون شريحة تجدها في كثير من مناطق المملكة ويمثلون أسراً تعيش بدون مصدر رزق لأسباب أصبحت متداخلة تتحملها العديد من الجهات، – العمل- الخدمة المدنية- التخطيط- القطاع الخاص- وقبل كل ذلك لا بد أن تكون هذه الصورة مؤشراً وجرس انذار يشير إلى اقتراب انفجاره بعد أن ظل \”يقرع\” سنوات طويلة امام أعين المسؤولين والاعلامي المذكور وغيره.. من يعيد البسمة لأسرة منتحر تبوك وغيرها في عدد من مدن وقرى وهجر البلاد؟.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *