[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

مساء السبت قبل الماضي كنا – مجموعة من الصحفيين والكتاب – نتحلق حول معالي وزير العمل م. عادل فقيه في احدى قاعات فندق قصر الشرق بجدة، وفي واحدة من الامسيات التي درج عليها معاليه للالتقاء بالكتاب والمهتمين بالرأي العام، وقد كان اللقاء في حد ذاته لفتة لها معناها، أما ما دار فيها فقد كان اللبّ والجوهر الذي تطلع إليه الوزير وحلمنا نحن به.
وأقول لفتة لأن اقتطاع مسؤول بحجم وزير لجزءٍ من وقته، بحيث يخصصه للجلوس مع حشد من أرباب الكلمة فإن ذلك منهج لا يتعاطاه إلاّ من كان واثقاً مما يعمل، ومؤمناً بما للطرف الآخر (المدعوين) من رؤى يمكن لها أن تقيس بدرجة أو بأخرى كمية العمل الذي انتجته وزارته.أما ما دار في الجلسة فقد كان عرضاً توضيحياً من الوزير فقيه مرافقاً لعرض حاسوبي تولى الوزير بنفسه تقليب صفحاته وذلك حول مسألة تكلفة العامل الوافد الـ (200) ريال شهرياً، وخلال ساعتين وقف المدعوون على مجمل المسألة من ألفها إلى يائها، فقد رأوا قناعات ورؤية وزارة العمل مقرونة بالأرقام والاحصائيات التي لا تكذب، ولم تكن في حقيقة الأمر الكرزما اللافتة للوزير فقيه هي التي \”سرقت الكاميرا\” في تلك الأمسية بقدر ما كانت الحقائق والأرقام التي عرضها الوزير كحجج دامغة على كل خطوة من خطوات منهج وزارته في ذلك الشأن.
الوزير فقيه حذر من شيء نعرفه إذا هدأنا , لكن في غمرة عواطفنا ننساه فوجود هذا الحشد الهائل من الوافدين بين ظهرانينا، وكثير منهم في وظائف واعمال متدنية الراتب، يمكن بسهولة ان يكون قنبلة موقوتة بيننا، وهو أمر ديمغرافي خطير لا يصح ان يستمر خصوصاً وعدد اولئك يكاد يقترب من نصف عدد المواطنين وغفلتنا عن ذلك خطر ماحق.
أما مسألة البطالة .. فإن اي يوم ولا اقول شهراً او سنة تمر دون ان نوظف فيها اعداداً جديدة من شبابنا العاطل، فإنه يظل عيباً كبيراً في حقنا، وما قدمته وزارة العمل من برامج ومشاريع كحلول سريعة واخرى طويلة المدى، يمكن له بالفعل ان يعطي ثمارها (أنا متأكد من ذلك تماماً) بشرط أن يرفع بعضنا يده عن الوزارة وعن المزايدات التي نقدر حسن نية أصحابها، لكن لا نوافق على أن تكون مكبلة ليد الوزارة في مواصلة ركضها نحو اتمام \”السعودة\” .انا لا اتفق بحال من الاحوال مع أية مزايدات يصفع بها بعضنا قرارات وزارة العمل ويحاول ثنيها عن واجبها الوطني المهم جداً في ايقاف زحف الوافدين، واحلال ابناء الوطن مكانهم، لسبب بسيط وهو ايماننا الكامل بأن الوزارة بدءاً بالوزير فقيه هم جنود مجندة لخدمة الوطن، ولعمل كل ما يمكن من برامج لتوطين الوظائف فيه ولذا يجب على بعضنا ان يكف عن الغمز من قناة سوء النية لهذا المسؤول أو ذاك فإن لفت الانتباه الى أعمال القلوب ليس اكثر من دفوعات عاطفية لا تؤكل عيشاً، وإلا فنحن جميعا بما فينا وزارة العمل بكل أركانها تملك الغيرة ومتمسكون بديننا ولا نرضا بالخنا، ونرفض التغريب وضياع القيم، ولكننا في ذات الوقت لابد ان نقضي على البطالة بمواقع وظيفية لبناتنا واولادنا ضمن اطار القيم والدين اللذين هما بالأصل وسيظلان محوري قيام مجتمعنا ودولتنا.
ولعل من حسن الحظ ان يكون على رأس وزارة العمل شخصية علمية مثل م. عادل فقيه المشبع بالخبرتين الاقتصادية والادارية والمفتون بالعمل ولا مجال فيها للاجتهاد او الواسطة ولذلك فإن العمل الذي تقدمه الوزارة هو من المنجزات القليلة في بلادنا التي نرى فيها مشاريع (مؤسسية) لا تقبل العاطفة بقدر ما تقبل المعلومة والرقم والحجة الموضوعية الصريحة.
وانا في واقع الامر اكاد اشفق على الوزير فقيه من عدد من حالات الهجوم عليه من بعض الاخوة المجتهدين ولو كنت شخصياً مكانه لاعتذرت عن مواصلة السير في ذلك الطريق العسير، لكن الوزير فقيه رجل صلب متسلح بإيمانه بربه ثم بثقة ولي الأمر، وبشخصيته القوية والقادرة على الإقناع بالحجة الدامغة المرفوقة بالاحصائية ولذلك فإن طريق وزارة العمل شاق جداً بل لعله من أصعب مهام الوزارات الخدمية وسط طوفان الوافدين من جهة وطوفان البطالة من الجهة الأخرى وبين الطوفانين ما تلقاه الوزارة من نقد متواصل وحالات تذمر من التجار من ناحية وبعض المجتهدين من جانب آخر.
** ليتنا نهدأ قليلا ونعطي الوزير فقيه فرصة ست سنوات قادمة مثلاً ثم نحاسبه واظنه سيقبل الحساب لكن هل نعطيه – في المقابل – في حال نجاحه حقه من الوفاء والعرفان والتقدير؟.وقبل ذلك ندعه يواصل مشروعاته الرائدة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *