•• كان على السودي شابا يمنيا مفتول العضلات ضاحك “السن” لا يعرف شيئاً إلا العمل.. كان ذلك منذ أكثر من خمسين عاماً عندما كنت في مقتبل العمر كنت أحسبه ابناً لعمي الذي تبناه ورباه كان كواحد من أولاده ولم أفطن الى أنه – يمني – الجنسية – الا عندما افتقدته ذات يوم وسألت عنه “عمي” رحمه الله الذي قال لي لقد ذهب الى “اليمن” ومن جهالتي بأن هناك بلداً آخر اسمه – اليمن – كنت أعتقد انه ذهب الى احد البساتين بذلك المسمى.. لاكتشف بعد زمن أنه بلد مجاور آخر.
لا أنسى ذلك – الزقاق – الضيق الذي كان يسكن في أحد بيوته مجموعة عرفت اخيرا انهم يمنيون.. كان كل واحد منهم يحمل – مذياعاً – أي راديو ملبس بقماش والغريب ان كل واحد منهم يستمع الى اذاعة واحدة.. كانوا أحد نسيج المجتمع – المتصالح – ذاك..
لم نكن نعرف أن هذا خارج سياق هذا المجتمع ومرت الأيام وتتالت الليالي وحدثت ثورة 1962م وتغير الحكم هناك لتبدأ بوادر انفكاك لتلك اللحمة وان كانت لم تنفك أبداً حتى بعد ذلك التصرف الغريب الذي تصرفه الرئيس اليمني عند دخول صدام حسين الى الكويت وانضمامه الى ذلك التصرف المقيت وظل اليمنيون لهم مكانتهم وتقديرهم وأصبحوا محل عناية واهتمام بلادنا فماذا حدث ليتغير كل شيء هناك.
أين على السودي ذلك اليمني الذي كان واحداً من مجتمع كان يعيش ولازال يعيش بيننا كواحد من نسيج هذا الكيان الكبير.. تلك الرابطة لا يمكن فكاكها أبداً مهما حاول البعض العبث بها أو حتى التنكر لها.. انها أواصر الجوار التي لا انفكاك ولا انفصال لها.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *