[COLOR=blue]د. منصور الحسيني[/COLOR]

يرتبط الإنسان بوالديه، أبنائه وزوجته، وهو يعلم أنه سوف يفقدهم بوفاته هو أو بوفاة أحدهم لأن الخالق سبحانه قال \”كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ\” ولكنه يربط نفسه بالوطن الذي لا يموت إلا بقيام الساعة وإن مات ابن الوطن فأرضه التي تحتضن رفاته وفيها يكون عزاءه.
تبقى العلاقة والارتباط بين الإنسان ووطنه أكبر، أقوى وأسمى من كل الغاليين على نفسه من بني البشر وجميعهم يعرف أن الوطن هو العامل المشترك بينهم في أكثر أمور الحياة على الأرض، والوطن للإنسان هو الأرض والعرض، يغضب منك البشر الذين تحبهم وقد تغضب منهم وقد يتركوك وتتركهم، ولكن الوطن لن يتخلى عنك حياً أو ميتاً، تُعرف به عندما تكون خارج حضنه.
كل دول الأرض تستطيع رفض دخولك لها إلا وطنك، وكل دولة ترفضك سوف تعيدك لوطنك لأنه الأولى بك يرعاك ويحميك لأنه من أنشأك وأعطاك اسمه ويتحمل مسؤوليتك أمام العالم ومطالب بهذا، فماذا يكون الوطن وكيف نرد له الجميل؟؟
نعم لكل وطن يوم وطني يحتفل فيه بذكرى ولادته وكأنك تحتفل بذكرى ولادة جدك وكبير اسرتك الذي قد يتغير ولكن الوطن يبقى صاحب العمر الطويل، اليوم الوطني هو رمز ليوم الميلاد، التحرير، التوحيد الثورة سمها ما شئت ولكن كل يوم هو الوطن لأن كل يوم هو أنت وبدون الوطن سوف يكون وجودك تشرداً وتشرذماً فكيف لا يكون الوطن أنا وبداخلي يعيش وأموت لأجله ويبقى هو ليعيش أحبتي ويرددوا: عاش الوطن، عاش.. عاش.
الوطنية ليست كتاباً إنشائياً يُحفظ للطلاب بقدر ما أجدها علاقة حب تُعلم الترابط والتضحية من المواطنين لأجل الوطن فيجدوا الوطن يبادلهم الإحسان بالإحسان والجهد بالبنيان، لا تكتمل الوطنية ويخدش جوهرها عندما ينتشر الفساد وتبدد الأموال ولا تتحسن الأحوال، لأن المواطن ينظر للوطن كوالده الذي ترك للبعض حرية العبث بخدمات البيت الكبير ولم يحاسبهم كما حاسب أخوتهم المنحرفين والمتطرفين.
لهذا يستوجب علينا ونحن في هذا اليوم الرمز أن نضع حداً للفساد الذي يعرفه كل أفراد العائلة الوطنية وعلينا أن نتشدد فيه كما نفعل مع الإرهابيين لأن كلاهما قاتل ولكن بوسائل وأساليب مختلفة، من يحب الوطن ويحرص عليه لابد أن يقول لسارقي الأموال ومن يخفض المواصفات والجودة لتضخيم حسابه البنكي أو حساب معزبه على حساب مصلحة الوطن وخدمة المواطن كفى ثم كفى، والإنسان عرفنا صانعه سبحانه طريقة التعامل معه وهي التبشير والتحذير وتوضيح ما سيلقاه عند الاجتهاد أو الفساد ولهذا وصفت له الجنة والنار.
عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *