الوحدة الوطنية وانعدام الوعي العام

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]حسن الطيب[/COLOR][/ALIGN]

كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن (الوحدة الجاذبة) ما بين الشمال والجنوب وغاب عن المتحدثين أن الدولة السودانية التي تجمع داخل أحشائها خليطاً متنوعاً من الثقافات والتعدد اللغوي والديني والإثني لم تنل حظها من الوحدة منذ أن كانت تعُرف قديماً باسم – أثيوبيا; وهي كلمة يونانية تعني «الوجه المحروق» أُطلقت على المنطقة الواقعة جنوب مصر في القرن الثامن قبل الميلاد.
فيما بعد ذلك قامت فيها عدة ممالك مسيحية وفي القرن الثامن للميلاد سيطر المسلمون على تلك الممالك وفي العام 1821م فتحت جيوش محمد علي السودان وحكمت البلاد حتى قيام الدولة المهدية عام 1885, وطيلة هذه الفترة التاريخية لم تتمكن شعوب أرض (الوجه المحروق) من بناء دولة متماسكة يتعايش فيها الجميع.لذلك وفي 19 كانون الثاني 1899م عاد الأستعمار المصري البريطاني ليتمكن من السيطرة علي إدارة البلاد قام بترسيم حدودها الداخلية والإقليمية تحدها مصر شمالاً، وليبيا من الشمال الغربي، وغرباً تشاد – جمهورية أفريقيا الوسطى، وزائير من الجنوب الغربي، وجنوباً أوغندا وكينيا، والكنغو, وشرقاً أثيوبيا وأريتريا. وبعد ذلك قام بفرض وحدة قهرية مكنتة من السيطرة علي البلاد والعباد وبخروجة عادت البلاد لماضيها القديم.
وما تعيشه البلاد الآن من خراب ودمار خير شاهد ودليل علي أنعدام الوعي العام الذي يوفر حصانة المجتمع ويقف في وجه اي معتدى, وسبب ذلك التخلف القبلي الذي جعل الغالبية العظمي تعيش مع التقليد لا مع التجديد مع الاتباع لا مع الإبداع مع القديم لا مع الجديد مع الماضي لا مع الحاضر مع التعصب لا مع التسامح مع الصدام لا مع الحوار. والدليل علي ذلك كثرة حركات التحرير والمليشيات العسكرية والانقسامات والانشقاقات والتوجهات الخارجية والاستعانة بالدول الاستعمارية لمحو العروبه والاسلام من الخارطة السودانيه. وما جاء في كتاب ضابط الاستخبارات الإسرائيلية (موشي قرحي) تحت عنوان -إسرائيل وجنوب السودان- مؤكدا بان الاستراتيجية الإسرائيلية تقوم علي تشجيع وحث الاقليات السودانية للتعبير عن ذاتها للحصول علي حق تقرير المصير خير دليل وشاهد علي ما يمارسه المقاتلون.
أن خطورة الموقف التاريخي الذي تعيشة الأمة السودانية يقتضي قدرا كبيرا من المصارحة والوضوح والمكاشفة التي لا تقوم علي التلاوم والسباق في التخلي عن المسؤولية ولكن علي العمل المخلص لاكتشاف مواضيع المرض ومعالجتة.
وفي رأيي المرض واضح لكل ذي بصر وبصيرة وهو التخلف التاريخي والقبلي الذي استغلتة الجماعات الثورية للوصول لغاياتها الدنيوية وأصبحت في نظرهم الوطنية والقومية أساليب رجعية متخلفة امام الشمولية والأممية.. والمطلوب من هذه الجماعات هو إحداث التغيير الإيجابي باتجاة العناصر المشتركة علي أرضية التعددية وليس التمسك بالأوضاع الراهنة لكل فريق علي حدة ايا كانت نوعيته فالحصيلة مفرقة لا جامعة وموحدة.
واخيرا اقول; لو أن كل إنسان قام بما يجب عليه وقدم مايستطيعه تجاه قضايا مجتمعه التي يؤمن بها وبأهمية التحرك تجاه نموها أو دفع ما يحدث بشأنها من ظلم أو قصور لكانت الأوضاع أفضل حالا مما نشاهدة الآن في ربوع السودان.
صحيفة السوداني

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *