الهندسة الوراثية وحمى الضنك

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د.علي عشقي [/COLOR][/ALIGN]

قبل الحرب العالمية الثانية كان انتشار البعوضة Aedes aegypti الناقلة لفيروسات حمى الضنك مقتصرا على القارة الأفريقية، ومنذ ذلك الحين وحتى وقتنا هذا استطاعت هذه البعوضة أن تغزو وتنتشر في أكثر من 120 دولة في العالم خاصة المناطق الاستوائية وتحت الاستوائية بما فيها المملكة العربية السعودية، وذلك عن طريق الطيور المهاجرة والسفن التجارية ، وقد قدرت منظمة الصحة العالمية أن عدد الإصابات بحمى الضنك في العالم الواحد يصل إلى حوالي 100 مليون شخص نسبة الوفيات بين هذه الإصابات يتجاوز 20 ألف شخص في كل عام، هذه الأرقام المخيفة دفعت العديد من الجامعات والمعاهد العلمية في جميع أنحاء العالم البحث عن طريقة علمية تكفل الحد من انتشار هذه البعوضة اللعينة، وفي عام 2002 قامت جامعة أكسفورد البريطانية العريقة بدراسة المادة الوراثية الكلية Genome لهذه البعوضة واستطاعت هي والشركة المنبثقة عنها (Oxites) Oxford Insect Technologies، تغير التركيب الوراثي لذكور هذه البعوضة، بما يعرف بتقنية الهندسة الوراثية، وذلك بإدخال جزء صغير من المادة الوراثية DNA الخاصة بفيروسات داء الهيربز Herbs لا يتجاوز حجم هذه المادة الوراثية، على ربع في الماء من الواحد في المائة من مجموع المادة الوراثية لهذه البعوضة، وعند التزاوج تنقل هذه المادة الوراثية المعدلة من الذكور إلى الإناث، التي بدورها تقضي على نسل جميع هذه الإناث، وكانت أول تجربة قامت بها هذه الشركة في جزيرة كيمان Cayman الاستوائية الواقعة في المحيط الأطلسي، حيث أطلقت هذه الشركة عشرات الألوف من الذكور المعدلة وراثيا وكانت النتائج ممتازة حيث لوحظ انخفاض كثافة المجتمعات السكانية لهذا النوع من البعوض بمقدار 80%.
ويذكر القائمين على هذه الشركة أنه في غضون السنوات القلية القادمة سيتم القضاء نهائيا على هذا النوع من البعوض في هذه الجزيرة. وبعد نجاح هذه التجربة تم تطبيقها في البرازيل وماليزيا كما سيتم تطبيقها في كل من فلوريدا والهند وبنجلاديش، وهناك معارضين لهندسة البعوض وراثيا ولكن لا يسمح المقال بمناقشتها، المدهش والغريب أن تكلفة القضاء على البعوض الحامل لفيروسات حمى الضنك في جزيرة كيمان بلغ بالتمام والكمال 800 ألف دولار أي حوالي 3 مليون ريال، وأنتم تعرفون المبالغ الفلكية ألتي أنفقتها الدولة في مكافحة حمى الضنك والتي بلغت حوالي 1200 مليون ريال، ومن العجيب والغريب أن لدينا في المملكة العربية السعودية أكثر من 20 جامعة تنفق عليها الدولة مليارات الريالات، فأين دورها في مثل هذه الأبحاث وهل سنظل مكتوفي الأيدي أمام بعوض حمى الضنك تسعى فسادا في نظمنا البيئية ؟، ولفت انتباهي مقال نشر لأستاذنا الكبير عابد خزندار في جريدة الرياض بتاريخ 12 سبتمبر 2012 يتساءل فيه عن مقولة المهندس علي النعيمي المشرف على جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا عن الأبحاث التي أجرتها الجامعة المذكورة منذ 4 سنوات عن زراعة القمح بمياه البحر الأحمر، للأسف يا أستاذي الكبير حديث المهندس النعيمي لا يستند على أي حقائق علمية وهو عبارة عن فرقعات إعلامية للجامعة المذكورة التي لا تمت للبيئة السعودية بأية صلة, وأين هذه الجامعة من أبحاث جامعة أكسفورد؟ .. وأين هذه الجامعة من مشاكلنا البيئية بوجه عام؟.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *