بهيرة محمود الحلبي

يقول الشاعر عمر الخيام :
ما أطال النوم عمراً .. ولا قصر في الأعمار طول السهر

ويظل هذا الكلام جميلاً في الشعر واللحن ، ولكنه لا يجانب الحقيقة والواقع ، والصحيح أن النوم الكافي يطيل في الأعمار ، والقلة فيه مع الاكثار من السهر تضعف الأبدان وتقلل من انتاجية الانسان ، ففي الزمن الماضي وقبل انتشار القنوات الفضائية واكتساح الشبكة العنكبوتية حياتنا اليومية كوسائل التواصل الاجتماعي وغيرها ،

 

كان النوم يتسلل إلينا ويداعب أهدابنا في وقت مبكر ويحنو علينا كالأم الرؤوم لنسهو بملء أعيننا وننعم بليلة هادئة من غير جاثوم مظلم ولا أحلام مزعجة تعكس مؤثرات الانترنيت و ما تبثه من أخبار مزعجة تتواتر إلى مسامعنا على مدار الثانية . النوم هو ظاهرة طبيعية لإعادة تنظيم نشاط الدماغ والفعاليات الحيوية الأخرى في الكائنات الحية.

ونتيجة لإصابة الإنسان بالأرق فقد تظهر عليه علامات مثل احمرار في العينين شحوب في الوجه .وشيخوخة مبكرة في الجلد ، عدم التركيز أثناء الحديث ، الخمول ،الانفعال الزائد لأتفه الأسباب.

اضطراب في الجهاز المناعي ، زيادة في مخاطر الإصابة بالنوبة القلبية ،،والتوقف عن ازالة البروتينات السامة من الجسم التي تعيق القدرات العقلية للدماغ . ولكن من أين لنا بنوم هانئ مريح ونحن نسهر يومياً إلى ساعات متأخرة من الليل ،

 

والمغريات من حولنا عديدة ومتنوعة وحرارة الجو مرتفعة وحارقة في النهار ، وحيث أصبحت متابعة الأحداث الإقليمية والعالمية شغلنا الشاغل وهاجسنا الذي لم ينتهي لكثرة ما يحمله من مآسي وعظائم الأمور، مما يجعلنا نتألم ونحزن ونخاف على مستقبل أوطاننا وحياة أبناؤنا فتتأزم حالتنا النفسية وتضطرب صحتنا العضوية .
الآن وقد حصل لنا ما حصل من توتر وأرق واكتئاب ، ما ذا نحن فاعلين بهذه الفوضى المزعومة التي نعيشها ، وكيف نعالج المشكلة التي نعاني منها ونزيل هذا القلق ونصبح مواطنين أكثر وطئاً وأفضل انتاجية .. .

علينا أن نضبط الساعة البيولوجية للنوم بحيث لا تزيد عن العاشرة مساء وفي هذا يقول رسولنا الكريم ” بورك لأمة في بكورها ” ،، وأن نتناول يوميا وجبة الإفطار ،والحرص على أن يكون الطعام غنياً بمادة المغنيزيوم واوميغا 3 ، وأن نمارس رياضة المشي التي تساعدنا على الاسترخاء ، نتعرض لأشعة الشمس لنحصل على هرمون السعادة ونتخفف الاكتئاب ،

وأن نشرب الأعشاب الطبيعية مثل البابونج واليانسون وزهرة الآلام ( passion flower ) والشاي الأخضر وشاي اللافندر الذي يقلل من الاجهاد ويمنح الشعور بالانتعاش من زيته العطري . وعلينا أن نبتعد عن تعاطي الأدوية المهدئة بشكل عشوائي وخاصة في مراحل الأرق الأولية لأن مفعوله لا يشبه النوم الطبيعي ، وأيضاً حتى لا ندمنه وبعد فترة نضطر أن نزيد في الجرعة فنخسر صحتنا ونفاقم من أزمتنا . وفوق كل هذا ، لا بد أن نبتعد عن مسببات التوتر ومنغصات العيش وندعو الله أن ننام قريري العين ونصحو في همة ونشاط ونكون كهؤلاء الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم:

( قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ).

Twitter:@bahirahalabi

التصنيف:

One Response

  1. في دوامة هذه الأيام وما نعيشه من أحداث جثام أصبح كل منا كلآلة الخربة لا ينفع فيها إصلاح طالما بقيت ظروف التشغيل على حالها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *