النفس الأمارة بالحُب !

• ريهام زامكه

الحُب مفردة تساوي ملايين الكلمات .. بل وتشكل عوالم كاملة لا حدود لها ولا منطق .. وبلا شك إن قائل عبارة (الحب أعمى) كان عاشقاً حد النُخاع .. فعبارته تلك صحيحة وهي ليست مجرد عبارة جوفاء ليس لها تفسير .. فكم قرأنا وسمعنا عن قصص الحب وملاحمه التاريخية ومواقفه الغريبة التي تدفع العاشق لإرتكاب الحماقات بإسم الحُب .. وكم تأثرنا بالعديد من الحكايات .. كم بكينا على الأطلال .. وكم تحرقنا شوقاً للقاء من نحب وتمنينا لو أن الزمان يقف معهم وعند حدودهم .. كما قال فنان العرب ذات أغنية في وصفٍ هائم : “ياريت العُمر يتوقف على حالة هنا جمبك”.
فمن يلوم العاشق اذن إذا أندفع ؟ وأرتكب حماقة لم يحسب لها حساباً ولم يلق لها بالاً ؟ فالحب أكثر المشاعر الإنسانية تعقيداً وغموضاً .. وقد إحتار في فك طلاسمه العلماء والحكماء والأدباء والأطباء وحتى الزعماء العاشقين .. فالمبتلى بالحب مُسير وليس مخيراً اطلاقاً حين يود إتخاذ قراراته الحاسمه فيه .. فهو يتحكم تحكماً تاماً بأفكارنا وتفاصيلنا وكياناتنا ويسيطر بشكلٍ أو بآخر على عقولنا وما تبقى منها متى ما أردنا استخدامها أو تحكيمها وجعلها الفيصل في قضية الحكم فيها مؤكد مسبقاً.
واذا أردنا أن نبحث و (نُنبش) في التاريخ العاطفي القديم والحديث وفي كتب الأدب ربما تكون أشهر قصص الحب على امتداد التاريخ كله هي قصة قيس وليلى ، وروميو وچولييت ، وانطونيو وكليوباترا ، وغيرهم الكثيرون من العاشقين المغلوب على أمرهم ، وكانت آخر القصص وليست آخرها هي قصة (العاشق الإرهابي) سيف الدين مصطفى والذي جعلنا نعيش تفاصيل قضيته بأنفاسٍ مكتومة حيث أتهم باختطاف طائرة مصرية وأجبرها على تغيير مسارها لتهبط على الديار التي تسكن فيها (ليلاه) محبوبته ، وبعد التحقيقات معه وصفته السلطات بأنه مجنون أو “مضطرب عقلياً” وأن الحادث ليس له أي دوافع سياسية أو إرهابية على الإطلاق لأنهم لم يجدوا في حوزته أي أسلحة أو أحزمة ناسفة ومتفجرات ، وهو مضطرب عقلياً بدون أدنى شك لأنه عاشق وقلبه (مُفخخ) بالحب ، وقد دفعه ذلك لإرتكاب حماقة وفعل المستحيل فقط ليرى من يحبها ويوصل لها رسالة ، وكل هذا من الحُب (يقطع الحب وسنينه).
والله إني رثيت لحاله كثيراً بغض النظر عن كونه يستحق العقاب لترويعه الآمنين ، لكني للأمانة لو كنت من ضمن المسافرين على متن تلك الطائرة لباركت حبهما ووفقت رأسين في الحلال ولا أستبعد أن شرعت بالغناء لهما على طريقة الفنانة الراحلة (عايشة المرطة) وقلت لعريس الغفلة: “مباركين عرس الاثنين ، انزل تنتظرك الشرطة” . ثم التقطت معهما (سيلفي) قبل أن أودعهما للذكرى والتاريخ ، وأخذت محبوبته جانباً ونصحتها أن لا تتركه أبداً فهو شخصٌ نادر ، بل أكاد أقول أنه منقرض في مجتمعاتنا العربية ولن أزيد على ذلك (فاللي فينا مكفينا).
وعلى كل حال ، الله يهني سعيدة بمصطفى ، اعترف إني ايضاً متطرفة في أحاسيسي ومشاعري ، وأحب كثيراً هذه القصص (الدرامية) في الحب بل ومن الممكن أن تنزل دموعي (أربع أربع) وأنا أستمع لها وأتعاطف مع أبطالها ، ومن يدري ربما أدخل التاريخ من أوسع أبوابه ذات يوم ، فقط من باب العلم بالشيء أقول لمن يُهمه الأمر وتسول له نفسه (الأمارة بالحُب) لإختطافي ، بأني سأكون بعد شهرٍ من الآن على متن طائرة متوجهة لبلاد الله الواسعة وكلي أمل أن تحط الطائرة رحالها في (جزر الواق واق) وبعدها ارجوكم لا يبحث عني أحد فأنا كفيلة بنفسي.

‏rzamka@
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *