النسب والتكافؤ بين الزوجين
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد الله فراج الشريف[/COLOR][/ALIGN]
لم يعد العلم في عصرنا هذا الوسيلة المعتبرة للوصول الى الصواب ولطلب الحق، بقدر ما هو وللأسف عند البعض وسيلة مبتكرة لفظياً لتأييد رأي يعتنقه ويدافع عنه وهو يعلم أنه محض خطأ، اثره على المجتمع سيء جدا، لهذا فإن مسألة فقهية فرعية مثل القول بأن النسب معيار للتكفاؤ بين الزوجين، فلا تزوج العربية بمولى اعجمي، ولا تزوج هاشمية بقرشي او عربي، والمنتسبة الى قبيلة لا تزوج بمن لا ينتسب اليها، مما لم يرد في الشرع دليل واحد على ثبوته، ثم يتخذ هذا التغاير في النسب سبباً للتفريق بين الزوجين، بعد تمام الزواج بشروطه واركانه المعتبرة شرعاً، بل وانجاب الابناء، ويجد هذا القول المرجوج الذي لا يستند الى دليل ادعياء علم ينصرونه ويدافعون عنه بحماس منقطع النظير، زعماً منهم انهم يدافعون بذلك عن قضاة صدرت عنهم احكام بالتفريق بين الزوجين لذات السبب، وما علموا ان حكم القضاء ينفذ اذا استكمل درجات التقاضي المعلومة، ولكنه لا يرفع الخلاف في المسألة، ولا يعني ان الصواب فيها ما اجتهد فيه هذا القاضي او ذاك، ولا اظن احداً من القضاة الذين صدرت عنهم هذه الاحكام يدعي ذلك، والقول بأن مبنى القول على العرف، والعرف دليل في الشرع حجة متهافتة، فالعرف لا تعارض به ادلة الشرع المتكاثرة التي لا تعتبر معياراً لكفاءة سوى التماثل في الدين والخلق، فلم يرد نص واحد عن الله ورسوله المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم باعتبار نسب او صناعة او يسر مال معيار لهذا التكافؤ، بل الادلة لا تحصى على الا معيار لكفاءة سوى الدين والخلق، وهذا العرف المدعي عرف جاهلي اعتمد المفاضلة بين الناس بغيرما جعله الله معياراً للمفاضلة وهي التقوى فلا اعتبار لهذا العرف، ومن الجهل ان يقال ان الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – اقر هذا العرف، فالثابت عنه يقيناً انه اقر انكحة بين غير المتماثلين في النسب او الصناعة، بل لعله حبذ ذلك وحث عليه، كزواج سيدنا زيد بن حارثة وهو
مولاه من ابنة عمة رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – وهي الاسدية، وكتزويجه ابنه اسامة من فاطمة بنت قيس القرشية، وقد زوج الصحابة رضوان الله عليهم فتياتهم لمن هم ادنى منهم نسباً، فقد زوج ابو حذيفة سالماً وهو مولى لامرأة من الانصار من هند ابنة اخيه الوليد بن عتبة بن ربيعة، وتزوج سيدنا بلال بن رباح اخت الصحابي الجليل عبدالرحمن بن عوف، وفي الحديث الصحيح ان النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – امر قوم ابي هند وكان حجاماً وقال : \” لا يا بني بياضة انكحوا ابا هند وانكحوا اليه \” ، وقد افتت اللجنة الدائمة للبحوث والافتاء بهيئة كبار العلماء وبرئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله بمثل هذا في الفتوى رقم ٢٥١٣ المرصودة في موقعها على الانترنت، والادلة اوضح من ان تذكر التي لا تجعل معياراً يتفاصل به
الناس سوى التقوى، وكذا الادلة التي تحث على ترك اعراف الجاهلية في التفاخر بالانساب والآباء، فالناس كلهم لآدم، وآدم من تراب، وهي بحمد الله تهدم كل قول يمكن ان يكون سبباً في ان يتحكم الأولياء في النساء ويعضلونهن عن النكاح بحجة عدم التكافؤ في النسب، فهلا كف هؤلاء عن مثل هذا، هو ما نرجوه والله ولي التوفيق .
ص . ب : ٣٥٤٨٥
جدة ٢١٤٨٨
فاكس : ٦٤٠٧٠٤٣
[email protected]
التصنيف: