المواطن الغلبان هو التعبان

• د. منصور الحسيني

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. منصور الحسيني[/COLOR][/ALIGN]

كلمة (غلبان) لا تعني الشخص ضعيف الإمكانات بقدر ما تعني المغلوب على أمره الدنيوي لأن الغالبية تنهج سلوكاً لا يستطيع اختراقه بالرغم من مجانبتهم للصواب، لذلك هو يغلب في ماذا يقول وكيف يتصرف؟ فتجده إذا ما حضر في مجلس ينافق فيه يعيش حالة الغلابا لأنه لا يستطيع إبداء رأي مخالف لما يقوله رموز المجلس، فيضطر للسكوت أو يتجاوز ذلك بالتأييد من منطلق عربي يقول \”يد الله مع الجماعة\” مهما انحرف فكرهم!
يسمع الجهات الرسمية وهي تتحدث عن مواكبة العصر وإطلاقهم للمواقع الإلكترونية التي من خلالها تستطيع الوصول لأعلى مسؤول، وعندما يدلف لأحد هذه المواقع يصاب بأحد حالات (الغلبنة) التي تتكرر في حياته بمعدل 37 مرة في اليوم، لأنه يكتشف أن المواقع العاملة بجدية هي تلك التي لها مدخولات مادية يمكن إجراؤها بواسطة الإنترنت، في ما عدا ذلك هنالك رقم واحد تحت عنوان اتصلوا بنا لايجيب أو مشغول طوال فترة الدوام، يذهب لخيار المراسلة ويكتب رسالته متوقعاً أن يأتيه الرد بعد يوم أو اثنين فيفاجاء بعدم حدوث شيء خلال شهرين، يحاول العثور في الموقع الإلكتروني على وسيلة للمساعدة فتقابله جميع العبارات التي توحي بأن الخدمة تحت التأسيس، فوق الصيانة أو خلف الكشك.
يحاول هذا الغلبان الذي تزداد غلابته إذا كان من الذين أنعم الله عليهم ودرسوا وعاشوا في العالم المتقدم لأنهم يعرفون الفرق ويستغربون التأخر المزمن الذي يحاول إحباطهم ولكنهم يقاومون الإحباط بالتفأل والاستمرار في محاولة تطوير الواقع قدر الإمكان، فيحاول أن يقوم بدوره الإجتماعي ويبداء في كتابة الإقتراحات المتخصصة لبعض كبار المسؤولين في بعض القطاعات التي تنتهج الخط التجاري في القطاع العام ويقضي الأوقات في البحث، الكتابة وتكلفة الإرسال من خلال وسيلة بريد مكلفة لضمان الوصول، ويكتشف هذا المواطن بعد فترة أن أياً من المسؤولين الذين أرسل لهم اقتراحاته أو أحد خادميه فكر في الإتصال به ليقول له شكراً، فترتفع درجة (الغلبنة) لديه عندما يدرك أنه في مجتمع لا يعرف ثقافة شكراً إلا إذا كان مضطراً لها أو كنوع من الإكسسوارات التي يستخدمها أمام الغرباء.
هنالك من الغلابة من يصر على استمرار الأمل اعتقاداً أنه الحل الوحيد بحكم أن أي تراجع فكري محبط سوف يؤثر عليه وعلى باقي اهتماماته الشخصية وهؤلاء مجموعة ندعوا لهم بالثبات والتزين بالصبر، المشكلة تتمحور عند فئات آخرى من الغلابا الذين تؤثر فيهم التناقضات والتخلف الذي يشاهدوه حولهم ويستغربون حدوثه في القرن الواحد والعشرين وعند من لديهم الملايين، فتكون لهم ردود فعل مختلفة جميعها ضار عليهم ولكن الناس إمكانيات، فهنالك من على قول الأخوة اللبنانية ( يفش خلقه) في الدخان والمعسل وآخر يخرجها في الأسيرة الغلبانة أم حديجان، وثالث ورابع كل يعمل ردة فعل تتماشى مع درجة حرارة الغليان التي يعيشها في تلك اللحظة وذلك المكان وعندما يتورط تجده يردد:أنا غلباااااااااااان.!!!
عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *