[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]نصري الصايغ[/COLOR][/ALIGN]

لا تستطيع إلا أن تحترم وتقدر وتحبّ باراك أوباما، لو لم يكن رئيساً للولايات المتحدة الأميركية. الصورة التي قدمها عن نفسه، أظهرته مبشراً بالسلام والإسلام، بالحرية والديموقراطية، بالتسامح والنبل. أما الصورة التي رسمها لبلاده، فتكاد تخلو من أية شائبة. بدت وكأنها من جنس الملائكة.
اعتماداً على أقواله، العالم سيكون بألف خير حيث الكلام، يصطف في خطابه، بسياق بالغ الذكاء واللطف والأناقة، للتدليل على المشكلات والقضايا، ولوصفها بحيادية راقية، وبعصمة باذخة، استحقت أن تنال تصفيقاً من الحاضرين في القاعة، وإعجاباً من المستمعين إليه، في شعاب الأرض الواسعة.
لا تستطيع إلا أن تحترمه وتحبّه، لو لم يرتكب ما يلي، وما ارتكبه فادح وصارخ وقاتل:
أ ـ لم يتألف نص الخطاب من خمسة آلاف كلمة ونيف. لم يستعمل فيها، سوى مرة واحدة، لفظة عرب. العرب بالنسبة إليه ليسوا وجوداً. إنهم عدم سياسي. انعدام جغرافي. هم ينتمون إلى الإسلام، وعليه، فقد بشرهم بإسلام نقيّ من أي قوة. هو إسلام منتقى.
ب ـ اختصر المشكلة الأولى، في العنف، وتحديداً، في انتشار الإرهاب. وهو إذ برأ الإسلام منه، لم يشر إلى التوظيف الذي ارتكبته بلاده، على مدار عقود، فالإسلام عندما تأمرك سياسياً واقتصادياً، بات منقسماً إلى تابع خانع، ورافض عنيف. وعندما أدخل في معادلة القطبية الثنائية، انقسم، إلى «قاعدة» مرعيّة، و«طالبان» محميّة، وعشائر سلطوية، وملوك وأمراء، غبّ الطلب العسكري والأمني والمالي.
التبشير بالإسلام، من قبل أوباما بليغ. نال إعجاباً. ترى لماذا تجاهل المسلمين؟ وهم على تعدد من الود بينهم أحيانا، وعلى تعدد في الضد أحيانا، لخدمتهم.
ج ـ حظيت جرائم «الطالبان» و«القاعدة» بالإدانة، لما ارتكبوه من عنف. حدث ذلك، فيما العالم لم يتمكّن بعد من إحصاء عدد القتلى والنازحين في إقليم سوات. هناك، وبأمر من أوباما، تدار العمليات العسكرية ميدانياً، ويتولى الأميركيون الإشراف على القصف. والضحايا مدنيون. ثلاثة آلاف أميركي قتلوا في اعتداء القاعدة على برجي التجارة. وهو أمر مدان. ولا إحصاء عن مئات آلاف القتلى الذين سفكتهم أميركا… إنها تقصف وتدمّر بلا حساب.
د ـ كاد يُبكي المستمعين إلى ما حلّ باليهود، وبناء على ذلك، فهم يستحقون وطناً لا نقاش فيه. وطن لليهود. ولكنه لم يشر إلى المجرم الحقيقي في حملات الإبادة ضد اليهود. لم يكن العرب ولا المسلمون في حقل الدم. الغرب بثقافته العنصرية، سبب هذا الإثم الإنساني الكبير.
هـ ـ فلسطين، يجب ان تعيش جنباً إلى جنب مع اسرائيل. دولة بجانب دولة. قصة قديمة هذه القصة. لم يقل متى؟ كيف؟ فوق أي بقعة؟ والأنكى، أنه لم يحد قيد أنملة عما قاله جورج بوش: اعترفوا بإسرائيل، وبأمنها. ثم… لم يقل لنا أوباما، متى تتحرر أميركا من إسرائيل، لترى بعينيها، جريمة العصر الكبرى: المأساة الفلسطينية، التي حوّلها الضمير الغربي، إلى سطر في قاموس اللاسامية.
و ـ نال إعجابا مضاعفا، عندما تحدث عن الديموقراطية، والانتخابات. انما لم يقل، لماذا تقف أميركا إلى جانب الدكتاتوريات العربية والإسلامية. ولماذا يقف ضد «حماس» ويطالبها بالاعتراف بإسرائيل.
ح ـ ط ـ ي… كلمن صعفص قرشت من قضايا، لم يلتزم فيها بكلمة. باستثناء النووي الايراني، أما النووي الإسرائيلي فمسامح. العرب أعجبوا به كثيراً. بهروا به أكثر. ماذا لو راجعوا سيرة كلينتون، وسيرة جيمي كارتر، وسيرة عظماء أميركا… إنهم يتساوون في الارتكاب بأناقة.
عن السفير اللبنانية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *