المطعم بريء حتى تثبت إدانته
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالرحمن ظافر[/COLOR][/ALIGN]
في كل مرة تطالعنا فيها الصحف عن أخبار التسمم الغذائي تتجه أصابع الاتهام تلقائياً للمطاعم ، ليس من قبل المستهلكين وحسب بل حتى من قبل المؤسسات الرسمية المعنية بسلامة الغذاء والرقابة الصحية كالأمانات أوالبلديات حيث تبادر تلك المؤسسات من فورها بتشميع المطعم بالشمع الأحمر ، وربما أن حالات التسمم تتكرر من حين لآخر في ذات المطعم أو مطاعم أخرى ، وربما أيضاً أن بعض هذه المطاعم يتبع أنظمة صارمة فيما يخص النظافة وإجراءات الوقاية من التسمم ، ومع ذلك لا أمل لتلك المطاعم من تهمة الإهمال والتسبب في التسمم ، خاصة إذا أثبتت التحاليل أن سبب التسمم ميكروب ( السالمونيلا ) الذي يكثر في اللحوم والبيض .لكن ألا يحتمل أن يكون بعض هذه المطاعم ضحية لمصدر أولي ( آخر ) للميكروب سيما المطاعم التي تتبع نظاماً صارما في النظافة على مستوى العمال والأدوات؟.
ما كنت لأثير هذا السؤال لولا قراءتي لنشرة مركز البحوث الإقليمية والغربية بكاليفورنيا الكائن بالولايات المتحدة الأمريكية والتي نتجت عن دراسة قامت بها عالمة الميكروبيولجي \” جيري باراك \” تثبت أن بعض الميكروبات تتسلل إلى المنتجات الطازجة وهي لازالت في المزرعة ، وتزداد مستعمراتها أثناء مرحلة النقل والتخزين والتسويق ، ويصل ضررها للمستفيد الأخير سواء كان البيت أو المطعم ، وهذا الضرر ربما أنه خارج عن الإرادة ، وليس في المستطاع اكتشافه والتنبؤ به لاسيما في المطاعم ، حتى وإن كان مطعماً شديد التحوط والاحتراز . ومن تلك الميكروبات ؛ بكتيريا ( السالمونيلا انتيريكا Salmonella enterica ) التي كان يعتقد أنها لا تصيب إلا اللحوم والبيض فقط وليس لها علاقة بالمنتجات الزراعية الطازجة ، حيث أثبتت باراك وبما لا يدع مجالاً للشك في دراستها أن السالمونيلا تصيب الطماطم وتنمو فيها مثلما تنمو في اللحوم ، وأنها تتّبع إستراتيجية هجومية على الطماطم مختلفة بشكل كلي عن اللحوم ، هذا الإستراتيجية تجعل من الصعب التخلص منها بإتباع أساليب النظافة بالماء والصابون ، لشدة تغلغلها داخل أنسجة النبات ، و أكدت من خلال إحصائياتها أن الأمراض التي كانت تصيب الإنسان جراء تناوله الخضروات الطازجة ارتفعت من( 0.6% ) عام 1970م إلي ( 12% ) في أواخر التسعينات الميلادية .
هذه الدراسة جادة وموضوعية ولها سمة الإنصاف ، ويجدر بمؤسسات الرقابة الغذائية والصحية أخذها بعين الاعتبار ، لا نقول تبرئ المطاعم .. إنما على الأقل .. لا تثبت تورطها إلا بعد تتبع مصادر الميكروب ، فربما أن من يستحق التغريم والمعاقبة جهات أخرى .
التصنيف: