المستهلك.. كفى بالله حسيبا

• مصطفى محمد كتوعة

وافق مجلس الووزراء الموقر على تنظيم جمعية حماية المستهلك، وقيام وزير التجارة والصناعة بتعيين اول مجلس تنفيذي للجمعية بعد صدور هذا التنظيم على ان تكون مدته ثلاث سنوات وتخصيص نسبة – يحدد مقدارها وزير التجارة والصناعة – من رسوم اشتراكات العضوية التي تتقاضاه الغرف التجارية الصناعية في كل منطقة لمصلحة جمعية حماية المستهلك والجمعيات الاهلية المتخصصة التي تنشأ مستقبلا في القطاعات المعنية بحماية المستهلك.
الحكومة وفقها الله، حريصة على مصالح المواطن والمستهلك وتتخذ كل ما يخفف عنه عناء الحياة، وهذه الخطوة المقدرة ستعالج اكثر من جانب في الازمات التي غرقت فيها جمعية حماية المستهلك، اولها تعيين مجلس تنفيذي لفترة محددة، يتولى تحقيق الدور المنتظر منها في كل منطقة لحماية المستهلك الذي ينهشه الغلاء الفاحش وافقر شرائحاً واسعة بالغلاء في كل نواحي الحياة. وثانيا تأمين موارد الجمعية خاصة النسب المالية المستحقة لها لدى الغرف التجارية وحصيلتها بملايين الريالات، مما يمكنها من تفعيل دورها الغائب تقريبا عن حماية المستهلك.
ولكن هل سيطول انتظار اجراءات وزارة التجارة وتحرك الجمعية بخطط وليس تصريحات استهلاكية لا تحقق مواجهة الغلاء والجشع، فقد اعتدنا ان تمضي الشهور والسنوات دون اثر في الواقع لحماية المستهلك وكأنها طواحين هواء، ناهيك عن موروث سلبي كبير من المشكلات الداخلية للجمعية نتمنى ان تخرج منها وتنظر للامام وتتفاعل مع هموم المستهلك، فالمشكلات والصراعات الادارية السابقة اصابت الجمعية بالشلل لسنوات، والمستهلك هو الضحية بابتلاع مداخيله، بينما التاجر الذي فتح الله عليه بالرزق لا تكفيه زيادة تلو الاخرى، فالغلاء سبب البلاء وكفى بالله حسيبا.
ان حياة المستهلك باتت مريرة بعد ان ضاعت منها الرحمة بسبب تغول الجشع ورفع الاسعار ومضاعفة الارباح دون مبرر في كثير من السلع، ونتمنى لو بادرت وزارة التجارة والاجهزة الرقابية بخطوات وقرارات اوسع بعد تحديد اسعار حليب الاطفال، فحرية السوق لا تلغي المسؤولية تجاه الغلاء بتجديد وتوسيع آليات وقنوات مواجهته بعد ان طال السلع والخدمات الاساسية مثل المأكل والمشرب والملبس والعلاج والمسكن، كما ان زيادة المعروض من السلع في الاسواق لم يعد يأتي بنتيجة ولا بضغط على الاسعار بدليل استمرار الغلاء رغم توفر السلع الغذائية وغيرها من المنتجات المحلية والمستوردة، وكل تاجر وكل منفذ بيع يضع ما يشاء من الاسعار وتسري العدوى بالاسواق سريان النار في الهشيم، ولا حياة لمن تنادي ولو دق المستهلك رأسه في الجدار.
هذا الغلاء دون مبرر حقيقي يعكس قسوة القلوب وضعف روح التراحم. عن المصطفى – صلى الله عليه وسلم: “يا معشر التجار: انكم تبعثون يوم القيامة فجاراً الا من اتقى الله وبر وصدق”. وهذا استثناء لأولئك التجار الذي يخافون الله، اهل الصدق والبر والاحسان، الرحماء باخوانهم الذين يأخذون كفايتهم دون جشع او طمع، والجشع هوى من نفوس لا تشبع تخالف الشرع الحكيم بالاضرار بالمجتمع وفي هذا خسران مبين في الدارين وان اكتنزوا المال باسم الارباح.
اتقوا الله في المستهلك بحمايته وارحموه من الغلاء بالكسب الحلال دون مبالغة فالبركة في المال ليست باستغلال الضعفاء وانما بالربح المشروع والقانوني الذي فيه صالح الجميع، وكان السلف من التجار يقنعون بأرباحهم البسيطة ويتقون الله في تجارتهم، واذا ضعفت القدرة الشرائية للمستهلك باستنزافه فلن تكون في مصلحة التجار ولا السوق. وفي نفس الوقت اقول للسمتهلك اتق الله في مالك واشتري بقدر حاجتك لا حسب ما تشتهيه النفس والعين، وعندئذ ستسهم في خفض الاسعار، فلتكن الخطوة الاولى منك، قال تعالى: “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين”.
قال صلى الله عليه وسلم “اللهم اني اعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها”.
للتواصل 6930973

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *