المرور السري وانعدام الثقة
[COLOR=blue][ALIGN=LEFT] عبد العزيز أحمد حلا[/ALIGN][/COLOR]
هذا الهدف من المبتدأ السري العام لايخدم منظوماتنا الاجتماعية على المدى الطويل واعتقد أن هذه الطرائق لا يطبقها العالم المتحضر لأسباب يطول شرحها ويعلمها من عاصرها وعايشها فضلاً عن الباحثين في المجالات الأمنية ومع هذا التعليل الجيد فقد نجح تطبيقها عندنا إلى مستوى معين من الصعود ولا نجادل من يتهمها بالأنظمة الوقتية ليس لأن العالم يتطور ويبتكر الحديث في السلوكيات والماديات ولكن لأن النفس البشرية تميل إلى الإقناع في مطالبة تطبيق السلوكيات المستقيمة وموضوع المرور السري رغم أن تطبيقه لدينا بحداثة عهد التجارب ورغم الأخطاء التي تكتنف هذا التطبيق وبالذات من الجهة التنفيذية إلا أن نتائجه طفحت على سير الأحداث بشكل ملحوظ وأصبح السائق المتهور يتحدث مع نفسه خاصة إذا وجد غيره وقع في الشراك ولا نكابر إن قلنا أن النسبة المئوية في مؤشر الحوادث قد انخفض ليرتاح المجتمع المسيطر عليه قلة الاهتمام بالسلامة العامة ومع أني ضد هذه الفكرة من أساسها لأن المنطق الراكز قد غادرها إلا أن الواقع قد ارتاح إليها ربما لعدم وجود البديل الذي يفوقها تطوراً.
إن اللجوء والركون إلى بدائيات الخطط في تنفيذ البرامج الهامة سوف يجعلنا مكانك سر وبالتالي تكون الاتكالية لأن هذا المنهج لا يخلو من الذبذبات الحادة والشاهد في مجال المرور السري يقف على الجندي الذي يخاطب المخالف ويتعامل معه وهناك من لايطرح السلام لغة المحبة على الضحية ليبادره بكرت الجزاء وبالمبلغ الذي قد لايطيقه ودرجات الطرح المعقول لايعرفه لأن تدريبه لايعرف منهجية التدرج في معاملة الخصم وطبعاً هذه العملية مخصصة فالأصابع ليست سواء ناهيك عن العوامل الأخرى التي يواجهها السائق من الطريق إلى معد الطريق والقائم على تهيئته.
يقول آخر هذه عيوب الطرح فما البديل لأن الكيل طفح وأصبح الوضع الخاص والعام للطريق في حالة يرثى لها مما جعل أولي الرأي يعجزون ومن لايحب تكرار تلك المناظر المخيفة يلازم الدار ومن تلك الخيفة رأيت شاباً يافعاً يطرق الباب ليناقشني حول انسداد السبل أمام المخططين ليقرروا وينفذوا أسلوبا اقل مايقال عنه تخوين المواطن خاصة عندما يبدو منظر من وقع عليه عين الرادار البشرية انه مخالف السرعة مثلا ليتم إيقافه بمؤشر عريض يحتل مؤخرة سيارة البوليس السري فأين الثقة المتبادلة بين المرور والمواطن؟.
نعم انعدام الثقة هو الذي أبدع هذا الإجراء وغيره وسبب نشأة هذا الانعدام هو من سوء تربية المجتمع للمواطن بمعنى أن الفرد العربي نشأ على الأهواء إلا ماشاء ربي مع أننا نرى نشاط المؤسسات العلمية والتعليمية على أشده وعلى الباحث أن يركز في نقاشاته الآنية والمستقبلية على جذور التربية من الطفولة ومما يؤسف له أن هناك أسفاراً من تلك البحوث الناشطة ولكن الخطأ يكمن في طريقة الإلقاء خاصة عبر تلك القنوات التي كثر عددها وقلت بركتها لاهتمامها بالأمور الماجنة التي تضر ولاتنفع ومن هنا نروم من ذوي البال الرائق أن يسلطوا الضوء تجاه الأسر لأنها أولاً النواة التي تبشر بالخير والشر أيضا وموضع التكاثر ثانيا وإذا أدرك العربي هذا المنطق على الطبيعة المجردة ننتقل إلى مؤسسات التكافل في المجتمع حتى يرى الفرد دوره من خلالها.
ما أود الوصول إليه عبر هذه العجالة من الفلسفة الممنطقة عن دور رجال الأمن سواء في المرور أو خلافه أن تجربة السرية هنا إن خرجت عن المألوف بها أضاع توجهها لقد كنت مرة من المرات أسير في الدائري الثاني في المدينة المنورة بعد صلاة المغرب وأنا حريص كل الحرص أن لا أخالف السير النظامي الذي أملاه علي الضمير بعيدا عن القوانين مع أني أؤيدها بشدة لأنها لم توضع عبثا ونسيت إشعال النور وما انسانيه إلا الشيطان وإذا بي من الخلف سيارة مدنية يقودها شرطي اشار لي بالنور وصوت البوري المبحوح الغليظ يخطرني بأن أقف فوقفت جانباً ونزلت من السيارة وأنا اسأل نفسي ما هو الخطأ الذي استدعى هذا الشرطي بسيارة غير شرطية يلاحقني فصافحني الرجل بكل أدب وقال مخالفتك انك لم تشعل نور السيارة بعد أن طلب الرخصة والاستمارة فقلت له يا بني كما تراني ربما أكون اكبر من أبيك ووالله لم يكن هذا عمداً بل سهوا والأمر إليك بعد الله وهممت بتسليمه الرخصة والاستمارة ليطبق مالديه من نظام فما كان من الرجل إلا أن ركب سيارته وقال أشعل نور سيارتك وفي أمان الله دون أن يحرر شيئاً ضدي.
نعم هذه هي الأخلاق التي نريدها في شبابنا وان كنت اجزم أنهم يتمتعون بحسن الأخلاق وندعو الله لهم التوفيق والهداية والسداد.
المدينة المنورة : ص.ب: 2949
التصنيف: