المرأة والسيارة !!
محمد إبراهيم الحربي
.. موضوع كهذا يثار في مجتمعنا بهذا الشكل، هو في الحقيقة مضحك مبكي في آن واحد، وسبب ذلك هو تباين الآراء وكثرة الاجتهادات من كثير من الناس الـ مع والضد .. وكانت الصحف قد ذكرت أنه قد صدرت فتوى في عام 1411هـ من سماحة مفتي عام المملكة آنذاك الشيخ عبدالعزيز بن باز يرحمه الله بعدم جواز قيادة المرأة للسيارة، صدر على إثرها أمر وزارة الداخلية بمنع قيادة المرأة للسيارة،وان هذا الامر مازال سارياً وفقاً لما صرح به سمو نائب وزير الداخلية لوسائل الإعلام،وقد قرأت خلال الخوض في هذه المسألة أثناء توقيف السيدة منال الشريف بسبب قيادتها سيارتها في شوارع الخبر في إحدى الصحف قولاً للشيخ عبدالمحسن العبيكان يقول بأن الفتوى ممكن تغييرها،كما قرأت الكثير من الآراء المتناقضة في هذه القضية من مسؤولين وغيرهم بشكل يشكل اللبس فيه الهم الأكبر، ويفترض إصدار القرار الملزم بنعم أو بلا.
.. حقيقة الأمر .. هذا الموضوع مخجل طرحه بهكذا أسلوب، لأنه لا يوجد نص شرعي يمنع قيادة المرأة للسيارة، فقد كانت المرأة تركب الدواب، الحمير والبغال والخيول والجمال في عصور ما قبل السيارة والطيارة ! وكانت تخرج على هذه الرواحل خارج البلدة ولا أحد يستطيع اعتراضها طالما كانت محتشمة، لا تثير ولا تلفت الانتباه بزينة أو تصرف يثير الغرائز .. كما أن الأنظمة لدينا لا تنص صراحة على منع قيادة المرأة للسيارة وبالتالي تطالب النساء بحقهن في قيادة السيارات لقضاء احتياجاتهن أو للذهاب إلى أعمالهن أو لتطبيب أفراد أسرهن من الآباء والأمهات والأبناء وهو أمر ضروري في ظل عدم تواجد وسائل نقل عامة آمنة؟! صحيح أن لدى الكثير من الأسر سائقين، ولكن أين المنطق في ذلك؟!، خاصة أنه ستكون بالضرورة هناك خلوة غير شرعية، وفي رأيي هذا اخطر كثيرا من قيادة المرأة للسيارة بنفسها في وجود ضوابط.. متى وكيف ولم تقود المرأة السيارة ومن بعد عمر محدد؟!
..مشكلتنا عدم وضوح بعض الأنظمة لدينا،ومشكلتنا التعمية والتسطيح والسكوت عن الكثير من القضايا الاجتماعية وعدم الفصل فيها .. وتترك مواضيع كهذه لاجتهادات أصحاب الرأي، حيث كل يدلي برأيه حسب هواه فالذين يرفضون قيادة المرأة يبررون سبب رفضهم بالخوف على المرأة، و ينطلق رفضهم من باب سد الذرائع، ويهاجمون وبعنف كل من يحاول إيضاح خلل رؤيتهم أو حتى مناقشة هذه الموضوع معهم ! ويتجهون مباشرة للتهم المعلبة التي تروس كتاباتهم مثل التغريبية والكثير من الأوصاف التحريضية التي تشي بالضغينة وتسهم في انقسام المجتمع إلى فريقين متضادين يعنف احدهما الآخر!!
.. هذا بالتأكيد يشكل خطراً على الوحدة الاجتماعية، الامر الذي يفرض على من بيده الأمر في هذا الموضوع أن يصدر الامر الواضح الناصح الذي لا لبس فيه ويكون رادعا لكلا الطرفين الـ مع والضد لأن الاحتقان الاجتماعي الذي يظهر من خلال المواقع الانترنتية بين أطياف المجتمع سيشكل اذا ما استمر على هذا النحو من القذف والسباب والاتهام بعدم المواطنة وصولا إلى وصف البعض للبعض الآخر بالكفر والعداوة.. شرخاً اجتماعيا قد يصعب التحامه في قابل الأيام ولا يصب ذلك في الصالح الوطني !!
التصنيف: