المدينة وأدباء الزمن الجميل

• مصطفى محمد كتوعة

آه من الأيام تطوي الزمن وسنوات العمر والأجيال، ولكن تبقى في النفس حميمية خاصة لثقافة الأيام الخوالي ورموزها التي ملأت المكان والزمان بأمواج من الفكر والإبداع استقت منها أجيال عديدة منهم من حمل الراية وظل وفياً للأساتذة وشديد الارتباط بعبقرية الزمان والمكان.
لقد كنت ممن اتابع عصر الرواد الذين قامت النهضة الأدبية على إبداعاتهم في المدينة المنورة وكانوا أحد الأجنحة الرئيسية للساحة وأسهموا في إثرائها لذلك نتذكر بكل العرفان هذه القامات الأدبية الكبيرة ومنهم الأساتذة محمد سعيد دفتر دار ، عبدالعزيز الربيع، عبدالرحمن رفة، حسن الصيرفي، محمد هاشم رشيد، عبدالسلام هاشم حافظ، محمد كامل الخجا، د.محمد عيد الخطراوي .. رحم الله من مات وحفظ الله من نتقاسم معهم الحياة ومتعهم بالصحة والعافية.
هؤلاء الرواد عشنا معهم في كنف عالمهم الابداعي واستمعت اليهم وتعلمت منهم وكم حضرت مع رفاق كثر امسيات ومجالس شهدت خواطر ومداولات وحراكاً ثقافياً اضاؤوه بالكلم الطيب وعمق الفكر ورهافة الحس الأدبي العالي وتمسكوا بلغة الحوار الأدبي شعراً ونثراً واجتهدوا باخلاص في بلورة الخطى نحو تأسيس النادي الادبي بالمدينة المنورة الذي انطلق على عقول هذه الرموز الكبيرة ولي ذكريات مع كل منهم لا زالت محفورة في عقلي ووجداني وذكرياتي التي تمسك على الصورة المشرقة للكوكبة الجميلة من رواد الأدب في المدينة المنورة والمملكة ، أذكر الأماكن والخطوات التي مشيناها على الأرض الطيبة الطاهرة في مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهي متجذرة في الوجدان فهل هناك اروع من ذكريات النشأة مهما كانت بساطة الصورة وبساطة الحياة في ذلك الزمان والأيام الخوالي .. أيام “روقان البال” والحب الحقيقي للأدب والإبداع . كانت حياة هادئة هنئنا فيها بطيب العيش والصحبة برفقة الأساتذة ..اذكر سكن الاستاذ هاشم رشيد في حوش قمر والأستاذ رفة أمام الزاهدية التي تعود لرجل المسؤولية وجبيب الأدباء الشيخ محمد سرور الصبان رحمه الله.
اليوم أراني كأبناء جيلي مشدوداً دائماً لحميمية المكان والزمان لأننا فيهما تشربنا مفردات الأدب وثقافته وتياراته النقدية نعم فقد كانت فترة بناء وعطاء للأدب السعودي ولأن جيل الكبار الأعزاء عرف كيف يتواصل مع الهوية فأدرك قيمتها قبل أن تفعل العولمة فعلها اليوم وتداهمنا بالجيد والرديء والاصيل والمنسوح وزاد فيه صخب الثقافات الأخرى على الهوية وبعد ان كنا نستغرق حباً في هويتنا الثقافية ونوغل في أصالتها وعبق قوتها أصبحنا نخاف عليها وسط المد الثقافي في عصر الفضائيات والعولمة ووسط زحام الحياة يأخذنا بعيداً عن عالم الابداع.
لقد تفاعلنا مع تراث الأدباء الكبار شعراً ونقداً وأدباً وملؤوا اسماعنا وابصارنا بهذا الإبداع الرائع ، وكم نتمنى أن تتواصل الأجيال الجديدة مع ما تركه الرواد من أدب رفيع ونتمنى أكثر أن يبادر نادي المدينة المنورة بالمزيد من الجهود لتوثيق مسيرة وعطاءات هذا الجيل الرائع حقاً ، وشكراً لكل من يحمل بين جنباته مشاعر الوفاء لأدبائنا الرواد وهذه القامات الأدبية الكبيرة التي سقت ثقافتنا بكل ما هو مبدع ورسخت جذورها ونتمنى أن نتواصل مع هذه المسيرة الأدبية حتى لا تصبح ثقافتنا ريشة في مهب رياح العولمة .. ودمتم بخير.
للتواصل : 6930973

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *