في أوج الصراع العنصري تجاه السود في أمريكا قامت إحدى المجلات الأمريكية ذائعة الصيت بنشر صورة على غلافها يظهر فيها رجل أسود وآخر أبيض فيما يبدو أنهما في حالة شجار ، كان يلتفت كل منهما للآخر بغضب وهو يصرخ ، غير أن أحدهما كان يحمل سكيناً والآخر ليس في يده شيء ، ثم بعد مضي ما يزيد عن 3 شهور قامت ذات المجلة بنشر ذات الصورة مع طمس صورة السكين ، وطلبت المجلة من قرائها تحديد الرجل الذي كان يحمل السكين في النسخة السابقة للصورة من دون الرجوع للعدد القديم المنشورة فيه ، فكانت الغالبية الساحقة للمصوتين تؤكد أن من كان يحمل السلاح هو الرجل الأسود ! فنشرت المجلة نتيجة التصويت مع النسخة الأصلية للصورة والتي كان الرجل الأبيض فيها هو الحامل للسكين وليس الأسود ، فصدم الشارع الأمريكي حينها من نفسه – سيما العنصر الأبيض منه- ليس لأنه ظالم بطبعه ومجحف في قرارة نفسه ، فمعظم من قام بالتصويت كان تصويته تلقائياً وعفوياً لا يرجو من مشاركته في هذا التصويت ظلم السود مطلقاً ! إنما كانت الصدمة أنه اكتشف أخيراً أن انطباعاته السلبية المسبقة عن السود والتي تغذت بها روحه وتشبعت بها كل خلايا ذهنه كانت حائلاً صلداً بينه وبين رؤية الحقيقة كما هي عليه ، لم يدر بخلده وهو يشارك في ذلك الاستفتاء أن مشاركته لم تكن سوى ترجمة فعلية لحالة اللا وعي الذي كان هو وغيره من البيض غارقون فيها ، لقد ولدوا في عائلات تحذرهم من السود ، وترعرعوا في مجتمعات تلعن السود ، ودرسوا في مدارس تستبعد السود ، وتخرجوا من جامعات لا أثر للعرق الأسود بين خريجيها وهكذا حتى تلبستهم كراهية السود جيلاً بعد جيل ! ودونما أسباب وجيهة أو منطقية لكل ذلك ، فكان من البديهي جداً بعد كل هذا التدجين العنصري أن يصوت الغالبية ضد الرجل الأسود بلا تردد !! ومن دون حتى الرجوع لأصل الصورة التي كانت بين يديهم ، وحينما اتضحت الحقيقة لهم استفاقوا جميعاً وأدركوا أنهم كانوا يساقون سوقاً على مطايا الحقد والكراهية باتجاه الاحتراب الأهلي مرة أخرى فكسروا أصنام العنصرية وفككوا نظريات التمايز العرقي ، وعدلت القوانين وانقلب ذلك الشعب من شعب مشحون بكراهية السود إلى شعب متسامح ليس مع السود فقط بل مع جميع الألوان والعرقيات والأديان ، لكن ماذا عنا نحن ؟ هل لدينا مدجنون فعلاً ضد عنصر ما .. ضد لون ما .. ضد طائفة ما .. ضد قبيلة ما ..ضد فئة ما ؟ إن كنتم تظنون أن الإجابة هي لا ، فما تفسيركم لكل هذه الدماء المسفوكة من حولنا؟.

@ad_alshihri
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *