المتفيقهون والفقهاء في زمن الغباء

• علي محمد الحسون

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي محمد الحسون[/COLOR][/ALIGN]

•• كان ساخطاً بل وعنيفاً عندما راح يحدثني قائلا : تصاب \”بالأسف\” عندما تضعك الظروف أمام مواقف بعض أولئك الذين وجدوا أنفسهم فجأة في مواقع ما كانوا يحلمون بها فراحوا \”يتفيقهون\” في كل شيء فهم في السياسة الخبراء بدهاليزها العارفون بأساليبها وإن في الدين فهم \”الفقهاء\” بحلاله وحرامه، وان في الرياضة فهم من أساطينها وان في الإعلام فهم الفاهمون لأسراره واستخداماته وان في الصحافة على وجه الدقة فهم أهلها الذين يعرفون كيفية نجاحها وان في الفن فهم أهله العارفون بألوانه وأشكاله واما في الحالة الاجتماعية تسمع الواحد منهم كأنه انجح متخصص في علم الاجتماع وعن تنفيذ مشاريع الدولة فهو الوحيد الفاهم في دهاليز تلك المشاريع بل حتى لو تحدثوا عن فنون لعبة المزمار ورجولتها كان هو العليم بكل خباياها وبكل تفاصيل حركة اللاعبين حول حلبة النار المشتعلة ويشرح لك عن مدلولية الترحيب بنثر التراب على تلك النار.. اما ان كان الحديث عن تجارة العقار فهو الفقيه العارف بكل اساليب البيع والشراء وكأنه الوحيد الذي يعرف ما لا يعرفه من سبقه في هذا العالم الغامض الواضح لكن المفجع هو عندما يكون الحديث عن \”المصارعة\” فهو يتحدث عن مصارعة \”الثيران\” مقارنا بينها وبين مصارعة \”مكمن منس\” حيث لا فوارق تذكر فهو يعرف كل شيء عن اللعبة مع انه لا يفرق بين ليلى علوي وبين \”المنور\” العلوي في بيوتنا القديمة.
اما الادارة وعلمها فهو سيد ساداتها الذي خرطه – الخراط – ومات كما يقول الفصحاء من الشعبيين.اما عن عالم \”الاتصال\” بكل وسائله وتنوع دقائقه فتراه يسمعك من دقائق ذلك الجهاز فتتعجب كيف خلط هذا العلم بحركة اخراج الصوت من خلال \”صر\” اسنانه في محاولة لتأكيد صدق ما يقول عن هذا الجهاز العجيب مع انه لا يفهم منه شيئاً فهو ليس له في العير ولا في النفير فيما يخص هذا العالم الواسع والدقيق.
وتسأل من أين أتى أمثال هؤلاء بهذا العلم الشامل فتصاب بالخيبة عندما تعرف أن خلفيتهم بها الكثير من الخدوش التي لابد لصاحبها أن يتوارى عن القوم لكنه يحاول أن يغطي على ذلك \”الخدش\” بهذا التعالم في كل شيء. وهؤلاء يقفزون على كل هذا بما يملكون من قدرة مالية الله أعلم كيف أتت!! بل وأين تصرف؟!
على أية حال كان صديقي يحدثني عن هؤلاء وفي قوله غصة شعرت بها من معاناته التي بدت لي على حبال صوته وفي تفصد العرق – الغاضب – على جبينه واحمرار ارنبة أنفه من شدة ما يعانيه من غضب يصل الى حد الحرد.
فقلت له وأنا أحاول أن أهون عليه ما يعاني منه:
لا عليك يا صديقي فالدنيا مليئة بأمثال هؤلاء – المتفيقهين – كما وصفتهم بهذا الوصف الذي وفقت فيه كثيراً لكن بجانب هؤلاء هناك أناس قليلوا الكلام لكن في صمتهم حكمة وفي حديثهم تجربة فهم يعطون من نفس كريمة \”شبعانة\” لأنهم أتوا من عالم مليء بالحب وبالرواء وليس من جفاف وعقم – ذلك هو الفارق بين \”الفقهاء\” و\”المتفيقهين\” يا عزيزي . فلا عليك من هذا الطفح أو البثور التي ما ان تتعرض للشمس حتى تراها تتطاير متساقطة..
صمت وهو يقلب كفيه قائلاً يا رب يكون كلامك هو الصحيح وان امثال هؤلاء مكانهم ليس في الواجهة بل في ذيل القائمة. فهم ظاهرة صوتية اكثر منهم صوت حق وعدل .. انهم اعجبتهم نفوسهم فنسوا كل ما حدث في سابق الزمان والمكان وتلك هي الطامة.
قلت : لا عليك.
دعهم في غيهم \”يعهمون\” لابد من صحوة ضمير تجتاحهم في لحظة صفاء.
– قال عسى!

•• آخر الكلام:
قال شرفني بعد ان يموت اللي يعرفني

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *