[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد علي بن إبراهيم الأصقة[/COLOR][/ALIGN]

حياة فيها من المتناقضات ألوان واشجان متناقضات تجعل المرء في حيرة من امره أيوافق على كل ما يسمعه ويراه ام يبتعد متمتما ثم يحوقل ويدُس رأسه بين الرؤوس.
لم تعد السعادة واقعا ملموسا بين الناس، فالكل متبرم من حياته فهذا مريض يشكو من علته ويشتكي من معاناته شافاه الله ونجّاه من معاناته،وذاك معافى صحيح البدن والعقل والروح ضائق في رحلته الدنيوية حانقاً على وضعه يائسا من مسيرته ارجو الله ان يلطف به وبأسرته ويرزقه القليل من الصبر وغنيٌّ ميسور الحال اصابه القلق بعد ان ملأ وجدانه وجميع احاسيسه باصناف الشكوك فتعب واتعب من حوله خوفاً على ثروته نسأل الله ان يجعله من اهل (وأما بنعمة ربك فحدث) فيذهب عنه الشك والتعب والخوف، ثم ذلك الفقير الذي نظن ان لا همّ له في هذه الدنيا الا توفير القوت له ولاهله فإذا هو ممن غلبت عليهم الشكوى ولم يترك منعطفا ولا مجلساً الا وطرح شقاء حياته على بساط النظر نسأل الله ان يستر حاله ويسد فاقته، لقد ترك الجميع إلا من رحم الله الملاذ الآمن وذهبوا يهرولون وراء متاع الدينا فالمريض يستعجل الشفاء ويتضجر من حاله ويشتكي لمن حوله ممن ليس لهم حول ولا قوة في شفائه وينسى ان من ابتلاه هو القادر على الشفاء وعنده مكمن الطمأنينة والصبر فلماذا الشكوى والتشكي لمن لا يملك من الأمر شيئا.
وذلك الصحيح المعافى في جسمه وعقله وروحه غفل عن الالتجاء الى مدبر الأمور ورازق الطيور واستسلم لليأس والضيق فبث شكواه للضعفاء غير القادرين على دفعه في مسيرته فزادت حلقات الضيق ضيقا، واما ذلك الثري الميسور فقد زاغت نظراته بين جمع المال وصرفه وزلت قدماه عن طريق السعادة فتعب واتعب وتقلب في ليل الشكوك فكثرت شكواه، فلو أنه حدّث بتلك النعمة التي انعم الله عليه بها وسعد واسعد لنال لذة الليل وسكون النفس والخلاص من وسوسة الشك، وفقيرنا ذلك الذي بسط لسانه بالشكوى وبيّن حاله لمن لا حول له ولا قوة فأصبح للهم حاملاً وللشقاء ناشراً لو انه صبر وحمد الله وكان من أولئك الذين يؤثرون على انفسهم ولو بهم خصاصة ولا يسألون الناس الحافا لكان اجمل له ولوجد في نفسه طمأنينة ورضى.
ان الالتجاء الى الله وطلب العون منه وبث الشكوى اليه اقوى الطرق للخلاص من كل متاعب الدنيا فيا بني آدم لا يغنيك الا الله فدع عنك سؤال الناس ويا بني آدم لن يشفيك الا الله فالتمس الاسباب وتعلق بشكواك الى الله فهو الذي اذا مرضت يشفين وانت يا ابن آدم الذي اغناك الله احسن المدخل والمخرج لثروتك فستنال راحة البال وتنتهي مخاوفك من الحسد والزوال وكن من الذين يحق عليهم قول الله تبارك وتعالى: (ولئن شكرتم لأزيدنكم).
أسأل الله العافية لي ولكل من تألم وتشكى وأسأل الله تعالى ان يعيدنا الى مسالك الخير والقرب إليه انه سميع مجيب.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *