الكفاءة والأمانة قبل الأنظمة

Avatar

إبراهيم معتوق عساس

لا يكفي ان تكون الانظمة المالية والإدارية قوية وواضحة ومبنية على أسس سليمة ما لم يصاحبها تخطيط سليم وقوي وواضح من قبل من يتولون الأمور في الجهات الإدارية والمالية والحقوقية، في مختلف المجالات والمستويات، فإذا لم يكن المسؤول عن تطبيق تلك الأنظمة في المستوى المطلوب فإنه قد يفسر بعض مواد الانظمة تفسيرا يبعدها عن تحقيق الهدف الذي وضعت من اجله، ويفرغها من مضمونها ولذلك قد تجد انظمة معينة موضوعة لسنوات طويلة لجهة من الجهات ثم يتداول المنصب اكثر من مسؤول فيفاجأ المراجعون والمواطنون بأن كل واحد تولى تلك المصلحة فسر الانظمة بالطريقة التي تحلو له، او التي يفهمها، فإما ان تكون تفسيراته وخطواته الادارية تؤدي الى تساهل في تطبيق النظام الى حد الفوضى وضياع حقوق وفوضى وفساد ذمم بين جنبات الادارة وإما ان يكون تفسيره مبنيا على التعقيد والتطويل وسوء الظن في كل شيء فتتعقد الأمور ويعرقل العمل وتتجمد الإدارة في مكانها، هذا ان لم تسر خطوات الى الخلف. وقد يأتي مسؤول ثالث فيجنب كل ما لديه من انظمة ويبدأ في تسيير الادارة وفق اجتهاداته الخاصة، فيؤدي ذلك الى تخبط في التنفيذ والى تجاوز في الانظمة الموجودة والى استغلال لبعض الذين لديهم مصالح لذلك التخبط، في تمرير مصالحهم وفق اهوائهم الشخصية، ما دام ان تلك الإدارة وضعت الانظمة جانبا واشتغلت بيديها ورجليها وعينيها دون ان تراعي او تقيم وزنا لاية مادة نظامية فإذا تابع انسان احوال مثل تلك الادارة في مراحلها الثلاث فإنها تسير على غير هدى، ولا يمكن في هذه الحالة إلقاء اللوم على الانظمة والمطالبة بتعديلها، لانه لا فائدة من تطوير وتعديل الانظمة في ظل وجود اساءة لاستخدامها، لان تلك الانظمة نفسها لو جاء الى الادارة انسان واع قدير فاهم، ويقدر المسؤولية فإنه سيطبقها بطريقة مرنة تحقق المصلحة العامة والخاصة ويجعل الإدارة في عهده تتجاوب مع مصلحة البلاد والعباد.
ولذلك فإن ما ذكر آنفا يقتضي من جهات التعيين للمسؤولين على رأس اية ادارة او مصلحة، التأكد من صلاحيات وخبرات وكفاءة المسؤول المعين، ومناسبته للوظيفة التي كلف بها، فلا نضع شخصا يحمل شهادة علمية في تخصص ما، ليعمل في جهاز بعيد كل البعد عن تخصصه، او نعين مسؤولا في جهة وندعمه ضد رئيسه في العمل، او نضع موظفا ثالثا على رأس جهاز يكون فيه من يحمل درجات علمية وخبرة اكبر واعلى منه، او ان نعين شخصا مشرفا على مكتب وزير او مسؤول كبير فيعطي نفسه الصلاحيات تجعله يتصرف في اعمال الادارات التابعة، ويقوي مسؤولا في ادارة ما ضد رئيسه وبدل ان تتفرغ الإدارة لخدمة المراجعين، تنشغل بالصراع بين المدعوم ورئيسه في العمل.
وعلى سبيل المثال فإني اتذكر حديثا دار بيني وبين معالي الاخ عبدالرحمن الدهمش عندما كان وكيلا مساعدا في وزارة البلديات، فهمت منه من ذلك الحديث ان بعض الذين يتولون الاشراف على مكاتب الوزراء يعطون انفسهم صلاحيات واسعة ويحيطون انفسهم بوزارة مصغرة فيها التخصصات الادارية والفنية والمالية والحقوقية فإذا جاءتهم معاملات من الجهات التابعة تحكموا فيها، فأمضوا ما يناسبهم وعقدوا مالا يناسبهم، ودعموا من يريدون وخذلوا من لا يعجبهم، وان البعض ممن يتولون الاشراف يأتون بموظف ويقومون بدعمه حتى يكون هو الكل في الكل من خلال الدعم المباشر وغير المباشر حتى يظهر امام العاملين في الإدارة انه مدعوم وله كلمة تؤثر على الجميع فلا يرقى موظف دون موافقته حتى لو وافق الرئيس ومن معه لأن اية ترقية لو رفعت فإن لديه امكانية ان يطير خلفها ويطيرها من الموظف حتى يصاب الموظف بصعقة في رأسه من شدة شعوره بالظلم.
وكان معالي الاخ عبدالرحمن يقول ان هذا التصرف غير سليم ولا يحقق المصلحة العامة وهو الآن المشرف على مكتب الوزير، ارجو ان يكون قد تمكن من تفادي ما يراه خطأ.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *