الكفاءات العلمية يا جامعاتنا

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]سلمان بن محمد العُمري [/COLOR][/ALIGN]

تناولت في مقالة سابقة موضوع \”الاستفادة من خبرات ذوي الكفاءات\” وطرحت لذلك أنموذجاً وطنياً عالمياً ، هو صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز ، وكنت أتوقع ردود فعل محدودة لهذا الموضوع ، لخصوصيته بفئة معينة من الناس ، ولكني تلقيت سيلاً هائلاً من الردود المتباينة على هذا الموضوع ، من أساتذة جامعيين ، وقراء .. بل والأهم من ذلك من قصدتهم في هذا المقال من ذوي الكفاءات العلمية الوطنية ، ولكني أعرض لحديث شخصي جرى مع شخصية وطنية أكاديمية عالية تبوأت منصباً مهماً في الدولة ، وشغل حقيبة وزارية تعنى بشريحة غالية في وطننا ، وهو من المبدعين قبل ذلك وبعدْ في فنه ، وتخصصه ، وله مؤلفات نشرت باللغتين العربية والإنجليزية ، ولديه كتب تدرس كمراجع في جامعات غير سعودية ، ويدعى لمؤتمرات وندوات خارجية ، وله اهتمامات إلى جانب تخصصه هو أحد المبرزين فيها .
هذه الكفاءة الوطنية ، قابلته بعد طول غياب ، وعقب نشر المقالة بأسبوع ، وعقب السلام والتحايا أثنى على المقالة ، وما ورد فيها من عرض ، فشكرته وقلت له : وما أدراك يا \”صاحب المعالي\” أنني ذكرتك نصاً في مقالي مع أكاديمي آخر من \”ذوي المعالي\” الذين لم تستفد منهم جامعاتنا مع الأسف ، ثم حذفت الاسم لئلا يفسر المقال من أحد على أنه تسويق لشخصيات هي في الحقيقة في غنى عن التعريف، وإنما الهدف الفكرة أياً كانت الأسماء، واكتفيت بشخصية الأمير تركي الفيصل أنموذجاً.
تبسم صاحبنا ، وهو المعهود دائماً بابتسامته النقية قائلاً : يا \”أبا ريان\” لقد وضعت يدك على الجرح، ولامست الألم والمعاناة، ومن كنت تعنيهم في مقالك هم – ولله الحمد – في سعة من العيش ، كفلتها لهم رواتبهم التقاعدية الطيبة من الدولة ولله الحمد ، ولكن الباحث والأكاديمي كالسمك الذي لا يعيش إلا في الماء ، والباحث والأكاديمي هو الآخر ليس مجرد حنين ، وإنما يرى أن الأجواء العلمية في قاعات المحاضرات والمكتبات والمنابر العلمية في الندوات والمحاضرات هي حياته وروحه .
عند ذلك سألته : وماذا عن الجامعات ، وتحديداً الجامعة التي رعتكم طالباً ، وأستاذاً ؟ فأجاب إجابة تطرح أكثر من علامة استفهام ، وقال : الجواب في ثنايا ما طرحته في مقالتك ، وكفى . وفي صورة أخرى أشد ألماً وأقسى ، وبغصة ومرارة ، قال \”آخر\” : حينما تبوأت منصباً حكومياً كانت الاتصالات تنهال علي من الأقسام العلمية في الجامعات تطلب مني الإسهام في مناقشة علمية لرسائل الماجستير والدكتوراه ، ورئاسة لجان علمية في الندوات والمؤتمرات التي تنظمها ، وكنت أتجاوب معها بقدر ما يسمح لي الوقت ، ثم أهمية الموضوع المراد مناقشته ، قلت : والآن ؟ قال : انقطعت الاتصالات ، بل وحتى المجلات العلمية والكتب التي تصدر من الجامعة كان آخر عهدي بها قبل خروجي من بوابة \”المكتب\” ، وانقطع التواصل مع الجامعات ، عدا الاتصالات الشخصية، والعلاقات الحميمة مع بعض الزملاء الأكاديميين.
وأقول : يا جامعاتنا لا مزيد من حديث أو تعليق ، فهؤلاء النخبة ، والقدرات العلمية من أبناء الوطن وغيرهم من أهل الكفاءات الموجودين في المملكة ممن خدموا الجامعات في بلادنا ، وكانت لهم نشاطات علمية طيبة ومؤلفات هم أحقُّ بالفائدة منهم وخاصة لهم خبرة كبيرة.
والمصلحة أولى قبل ذلك في أن تفتح لهم الجامعات أذرعها ، ولا أقول تحتضنهم ، بل تستفيد من خبراتهم في تدريس طلاب الدراسات العليا، وإسهامهم في المناقشات العلمية لرسائل وأطروحات الماجستير والدكتوراه ، ومشاركتهم في المؤتمرات والندوات التي تنظمها الجامعات ، ودعوتهم للمشاركة كخبراء في الكراسي العلمية المحدثة ، ودعوتهم للمساهمة في الدراسات الخاصة بتطوير الأقسام ، ودعوا عنكم المصالح الشخصية والأهواء وتصفية الحسابات التي ابتليت بها كثير من المؤسسات الحكومية والخاصة ، وسوء الظن والضغينة والحسد .. نسأل الله السلامة والعافية .
alomari 1420 @ yahoo . com

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *