الكبريت الأصفر والعقيق الأحمر

• حاتم طالب المشهدي

الساعة الثانية والنصف ليلاً حدث شيء غريب مريب علي غير عادة! في ليلة (تن) كان خمارها حَلَكَ الدُجي غّطاش! تحول البث فيها من (قناة إم بي سي) الى مكة المكرمة! فحانت مني التفاتة الي قناة الخليجية فإذا بها تقطع الإرسال وتتحول إلى الحرم المكي هي الاخري! فأطرقت مفكراً سائلا متسائلاً؟ هل من العادات أن يتحول البث الى الحرم المكي ليالي الجمعة؟ فأنا لست من أصفياء السهر! ولا تربطني به علاقة حب او عشقٍ مستتر! جاهل ب (متونه) مجافٍ لشجونه!
فما لبثت أن سمعت خطاب التأبين! فأطرقت صمتاً فوق صمت المكان المطبق! عاجزاً كالصغير لحظة لمعان البرق وزمجرة الرعد قبل أن يسكته المطر! فلست من الراسخين العارفين بصهيل اقلام القدر! فأستعذت بالله من خواطر النفوس لحظة الفُجاءة! واستجمعت قواي حتى استطعت قراءة الفاتحة! ثم كررت الاستعاذة من وحشة المكان بعد أن ضاقت (علية) رحابه! فما أدلج وأوحش الإحساس بأنك غريب في دارك! فما البيت إلا نُزلك مع من تحب! فإن رحل عنك.. لم تبق سوى كآبة المكان وصمت الجدران ورياح برد (ترزع) بابه!
فهذا الليل وقد أرخى سدوله بأنواع الهموم ليبتلي! بصبح جديد وما الإصباح منه بأمثل! .. اتقارب واتدانى مع ايماني بالقدر.. حتى لا أذوب في ظلمة اليأس فأتحول الى شبح كفر في العتمة! فكيف سأخبر صغيريّ فريدة ومالك بهذا الخبررر؟ بل كيف سأشرح لهم أن من انشدا عنه وطنيّ الأناشيد قد رحل في ديجور ليلٍ كلمح البصررر؟
بل كيف سأخبر ام مالك التي لا تكف عن ذكر مآثره في تعزيز مكانة الضعيف قبل الشريف، والمرأة قبل الرجل! فهو الذي جبر كسرها ثم طمأنها الى حيث رَاضِيَة مَّرضِيَّة! وهو الذي ابتعث ابناءنا في وقت عارض فيه الداني أكثر صلفاً من القاصي! وكثر فيه اللغط والسفه والغلط! فما كان منه إلا أن استبسل ومضى لا يخاف دركا ولا يخشى في إعطاء المزيد من الأعطيات والحريات! وصحافة اقلام وأدبيات! متوشحاً رداء الفكر.. والدأب إزاره! هيزم  وَهّاس! جُرهم  دَوّاس! جَيفْر ليثُ ضرغام! واسع الشدقين.. خادم الحرمين! عزيز المنزلين! في الدنيا والاخرة إن شاء الله الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا.
فارفع اللهم مكانه و مّهِد له على الصراط طريقا! واجعل له يوم البعث رفيقا! فقد حمل ما اشفقت منه الجبال واناب وأطاع! بين المشرقين قائماً بالقسط ما استطاع! أشرق حبه في قلوب المساكين ونفوس المستضعفين! حبيب المواطنيين! خليفة المسلمين! جمعنا الله به في يوم ترونه بعيداً ونراه قريبا! فوداعاً لك يا من احتسب صبراً على مرير عذاب العمليات! فلم تُثنِه عن مقارعة الخطوب وعظيم الفتوحات! مرثية ملك القلوب عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله ومن سبقه من ملوك المملكة العربية السعودية… كُتِبت في الشفق قبل بزوغ فجر العتمة من يوم الجمعة المشهودة.. بقلم مداده كبريت الملوك الأصفر وعقيق الدمع الاحمر! وصلى الله على المصطفى وآله وصحبه وسلم.
الفاتحة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *