[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]هناء حجازي[/COLOR][/ALIGN]

لم يستطع ابني الذي يبلغ الثانية عشرة من العمر أن يتفهم لماذا يمكن للشرطة أن تقبض عليه وأن يتم إيقافه بحجة قصة شعره أو عدم قصه إذا أردنا الدقة. وأنا شخصيا لم أستطع أن أفهمه أو أجعله يقدر ما لم استطع أنا نفسي فهمه وتقديره. حين كنت طفلة كنت أرى الشباب في ذلك الوقت يقومون بنفش شعورهم في أشكال منكوشة وكانوا يسمونها أفرو، اختفت هذه القصات مع اختفاء موضتها، وكما هي عادة الموضات التي تتكرر بمرور السنين، فقد عادت موضة الافرو وعاد الشباب كما كانوا في تلك السنوات إلى نكش شعورهم وكأن السنون لا تمر ولا تتغير عليهم، هي مجرد موضة، ومستهلكي الموضات هم دائما من الشباب، لم أجد يوما شيخا يتهادى في الشارع بشعر منكوش.
وحتى بالنسبة للشباب لا تستمر الحالة طويلا، هي فترة قصيرة يحاول فيها المراهقون التعبير عن التغييرات النفسية والجسدية التي يمرون بها بممارسات صغيرة يعلنون بها عن تميزهم عن بقية المجتمع. لذا، إذا كان التعبير لا يضر أحدا فيصبح من الضرر أن نمنعهم بالقوة من ممارسة هذا التعبير، محاولاتنا لأن نجبر المراهق على التفكير كما نفكر وأن يلتزم في لبسه وشكله بالطريقة التي نفكر ونلبس بها هي ضد طبيعة الأشياء، وقد تورث شبابا إما ممسوخا أو مكبوتا، ونحن بالتأكيد لا نريد شبابا من هذا النوع، نحتاج أن ننمي في أولادنا صفة التمرد التي لا تخرب المجتمع، لأن التمرد دليل على وجود بذرة الإبداع داخلهم. إذا مسخنا أولادنا وحاولنا أن نجعلهم صورة منا بعد أن كبرنا يعني أن نقتل فيهم هذه الجذوة، جذوة التطلع إلى التغيير، التغيير هو الذي في النهاية يقود إلى التطور والتقدم. أما إذا لم يكن هذا النوع من التميز دليل تطلع وتميز وكان مجرد موضة مهووسة، فهذا أيضا لا يعني أن قمعهم بهذه الطريقة أمر سليم، فنحن لا نريد شبابا مكبوتا،نحوله بكبتنا إلى شخصيات مشوهة وعدوانية.
لا استطيع فعلا أن أتخيل منظر أولادنا وهم مقبوض عليهم بتهمة قصة شعر منكوشة. اقرأ في الجرائد كل يوم خبر القبض على عدد منهم، هكذا وكأنهم مجرمون، واشعر بالإهانة التي يشعرون بها، وأتخيل نفسياتهم، وأقول، ترى، إلى ماذا نحول أبناءنا، وماذا نفعل بهم؟ ومن نلوم حين يصبح هؤلاء مجرمين حقا أو يتحولون إلى المخدرات وممارسة ما يعود بالخراب على صحتهم ومجتمعهم.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *