انتهت الانتخابات البلدية وسجلت نجاحا يستحق الإشادة، وفي نفس الوقت القراءة المتعمقة في حصاد ودلالات التجربة، ففوز عشروين عضوة بالمجالس البلدية هو أحد أبرز مشاهد وعناوين هذه الدورة التي مارست فيها المرأة حقها كمرشحة وناخبة، وأعطت التجربة إشارات قوية على غير المتوقع لمن راهنوا على خروجها من المشهد الانتخابي خالية الوفاض.
النجاح الأشمل لهذه الانتخابات يسجل شهادة تقدير للحكومة الرشيدة من خلال دور وزارة الشؤون البلدية والقروية وكافة اللجان ، لما تميز به الإعداد والتحضير الرائع وسير عملية الانتخابات بتنظيم دقيق وامكانات، وأيضا الإقبال الواضح من المرشحين والمرشحات والناخبين والناخبات ، مما يؤكد قدرة المملكة على إنجاح تجربتها بإرادة التطور وبثقة وتوافق مجتمعي للمستقبل ، ليس فقط في التنمية الاقتصادية وإنما البشرية والمجتمعية، خاصة ما يتعلق بدور المرأة والتطور الإيجابي وفق الضوابط الشرعية التي تسد الطريق على أي أصوات متشنجة.
فالمرأة نصف المجتمع في تفاصيل حياتنا ، ومطلوب منها دورا أكبر في التنمية ، تتويجا لإسهاماتها في التطور التعليمي العام منه والجامعي والعالي الذي نالت فيه أعلى الدرجات العلمية من الداخل والخارج ، وفي القطاع الصحي أيضا كمسؤولة وإدارية وطبيبة وممرضة وغيرها من التخصصات ، ناهيك عن دورها في قطاع الأعمال ودخولها مجالس الغرف بالانتخاب ، مع الفارق في طبيعة الانتخابات البلدية للعمل العام والتصويت من شرائح مختلفة.
فوز هذا العدد من العضوات يؤكد تطور المجتمع وانسجامه مع التغير الإيجابي ، بينما العديد من الدول سبقتنا في الممارسة الانتخابية وفشلت فيها المرأة رغم الخبرات ، لأنها وقعت فريسة عصبيات وحملات ناصبتها الرفض ، والمرأة السعودية دخلت مجلس الشورى في دورته الحالية ثقة من ولي الأمر في مكانتها وقدرتها ودورها ، وهاهي تسهم في التشريع بعقول وكفاءات عالية، والانتخابات قادمة لها وستنجح أيضا باقتدار بمشيئة الله.
في كل الأحوال دور المرأة مهم وأساسي في توازن دور المجتمع في العمل العام التنموي والانساني ، ولم يعد هنالك مجال للمزايدة على دورها ، بل أصبح من غير المقبول الحديث عن ذلك وكأنها تحتاج إلى شهادة إثبات كفاءة ، والواقع أنها بطبيعتها أكثر تنظيما وعطاء ودقة.
وسائل الإعلام العالمية وشبكات التواصل الاجتماعي ابدت اهتماما وتفاعلا بدخول المرأة السعودية المجالس البلدية، وتبقى الآمال معقودة على الدور المنتظر للمجالس البلدية بفاعلية أكثر من الدورتين السابقتين ليمارس صلاحياته الموسعة التي حددتها الأنظمة بما يضمن الرقابة على مشاريع وميزانيات البلديات وهيكلتها واقتراح ومتابعة كل ما فيه تطوير هذا القطاع الذي يعاني كثيرا من التردي الذي ينعكس سلبا على حياة المجتمع ، وحتى لا يصبح دور المجالس (للعلم والاطلاع) وابداء المرئيات.
التهنئة لكل جهد شارك في إنجاح هذه الانتخابات، والتهنئة موصولة للأعضاء الجدد من الجنسين ، واجعلوها دورة إنجاز وشفافية وبصمات على الأرض ورسالة واضحة للمجتمع ولكل من اهتم بهذه التجربة، فالنجاح ليس للفائزين والفائزات فقط ، وإنما أولا للتجربة في مجملها ، ارادة ودعما وممارسة ،والأهم للنجاح المأمول على أرض الواقع.
*نقطة نظام: (إذا عرفنا كيف فشلنا ، نفهم كيف ننجح).

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *