[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالله سعد الغنام[/COLOR][/ALIGN]

كم مرة سمعنا حكايات وأمثلة عن المال فبعضنا يقول هو عديل الروح, والبعض الأخرى يقول أن الفلوس تغير النفوس. وهناك طائفة أخرى ترددها بلسانها ولكنها لم تذق بعد حلاوتها أو مرارتها. إن هذه الأمثال أو الحِكم لم تخرج إلا من بعد تجارب وقصص, وربما كان فيها الكثير من ألم القلوب ومعاناة الضمائر, وقد لا نقدرها حق قدرها حتى تقع بيننا أو من حولنا. ثم نحن بعد ذلك نعيش في دوامتها بخيرها وشرها. ولكن للأسف إذا وقعت تركت جرحا غائرا في القلب قد يلتئم , ولكن سيبقى أثره درساً لنا في الحياة.
ليست المشكلة في المال بل في النفوس التي تتلمس طريقها إليه بحرقة وهيام, وهي أيضاً تتنازع وتتصارع عليه, وتضحي بكل غالٍ ونفيس من أجله, وتراه هو الحق الأوحد فوق كل الحقوق الأخرى. وتجعل له منطقة حظر جوي ونفسي. إن هذه النفوس ترى في الحقوق المالية أبيض أو أسود فقط , فهي لا ترى أبداً المنطقة الرمادية التي قد يقع فيها الاجتهاد البشري.
كلنا قد نقع في المنطقة السوداء أو البيضاء أو ربما الرمادية, فنحن بشر وخلقنا لنخطئ ونصيب فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوّابون , ولكن المشكلة ليست ها هنا بل في ما يترتب على ذلك من آثار أو مغالطات أو مصادمات والتي قد تجرنا إلى أخطاء أكبر وأبعد مما كنا نتوقع كل ذلك بسبب عشقنا للمال.أشد هذه الأخطاء الفادحة هي التشكيك في نيات و خفايا القلوب, ورمي التهم على الآخرين جزافاً, وأن ما فعلوه أو قالوه هو عن قصد وسوء نية, وأنه تدبير إبليسي بزعم أننا نعلم ما في النيات والقلوب, وهذا أمر خطير جداً قد يصدر من البعض منا. وقد حذر منه عليه الصلاة والسلام فقد قال لأسامة ابن زيد \” أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا\”.ومن الأخطاء الأخرى التي قد نقع فيها أيضاً هي تجريح الآخرين بألفاظ وألقاب نابية و بذيئة, أو ربما بلمز وغمز في ظاهر القول, وتلك طعنة أخرى تصيب صاحبها التي نطق بها قبل الآخرين, وهي تقلل أو تسقط من مصداقيته وواقعيته.أضف إلى ذلك خسران أو ذبول العلاقات العائلية أو الصداقات الحميمة, والتي كانت مبنية على يقين فسقطت أو تأثرت بسبب حكم ظني. فتذبل تلك العلاقات والصدقات التي كانت صحية يفوح منها روائح عطرة فأصبحت الآن مريضة أو تحتضر. كل ذلك كان ربما مبني على الظن والذي يغلب فيه جانب العاطفي أكثر من العقلي, وصدق الله سبحانه وتعالى حين قال \”يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم\”.
وهناك أمر أخرى يبدر منا أحياناً وهو التعميم الأحكام وننسى أو نتناسى في خضم ذلك كل ما مضى من حسنات لأولئك الأشخاص الذين تعاملنا معهم, وننسف الماضي والحاضر والمستقبل لمجرد تعلقنا وشغفنا قلوبنا بالمال, فالفلوس قد تظهر لنا خفايا النفوس.
وأخيراً, لنا في قول حبيبنا عليه الصلاة والسلام خير معنى وأفضل دلالة على خطورة الأمر وجسامته حيث قال\” فمن قضيت له بحق أخيه شيئاً فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار\”.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *