الفقيد المفكر وأطول الليالي

• محمد حامد الجحدلي

محمد حامد الجحدلي

مهما تحدثت عن معالي المفكر الإسلامي الدكتور محمد عبده يماني فلن أوفيه حقه ونحن لم ننصفه في حياته الحافلة بالأعمال الإنسانية ليغادرنا مرتاح الضمير قرير العين كما هي عادة الكبار فقط عندما يودعون الدنيا الفانية بنفس راضية وقلوب مطمئنة فقدت كانت فلسفته في الحياة مختلفة فلم يشغل وقته أكثر من إنقاذه لحياة مريض أو تقديم عون لمحتاج تكالبت عليه الظروف أو ابتعاث طالب علم على نفقته فقد اختلجت مشاعره بمشاعر الآخرين من البسطاء وذوي الحاجات للمزيد من دعم المشاريع الخيرية داخل وطنه المملكة وفي أماكن عديدة من عالمنا الإسلامي ، شرفت بمعرفته في تغطية صحفية لمحاضرة له بنادي الاتحاد إبان رئاسة المرحوم بإذن الله الدكتور عبدالفتاح ناظر وكانت المحاضرة بعنوان\” مُذنَّب هالي \” ذات مساء قلت لمعاليه : تشرفت بدخولي مكتبك فرد علىَّ قائلا : أنت دخلت .. رحم الله آسر القلوب ورحم الله ذلك القلب المهموم بقضايا أمته رجل عرف الوفاء وتعامل معه بأبعاده المكانية والزمانية فكانت السماحة والابتسامة تعلو إطلالته وهو يلتقيك بعد فترة انقطاع إجبارية متسائلاً \”وين الناس؟\”.
في أحد لقاءاتي الصحفية بمعاليه التي نُشرت بهذه الجريدة سألته عن أصعب المواقف التي مرت عليه لم يتردد في الإجابة فقال : في أول يوم حضر فيه مجلس الوزراء بعد تعيينه وزيرا للإعلام في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله وبعد انتهاء أعمال الجلسة خرج إلى المكان المخصص للصحفيين ومندوبي الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء السعودية وصرَّح بشفافيته المعروفة بكل ما دار في المجلس من توجيهات الملك خالد للوزراء التي تنصب كُلِّها في مصلحة المواطنين وبعد إذاعة النشرة الإخبارية متضمنة ذلك التصريح اتصل به عدد من زملائه الوزراء عاتبين عليه تلك الشفافية فانتابه الكثير من القلق واستمر معه طوال تلك الليلة التي قضاها بين صلاة ودعاء وتلاوة قرآن ومؤازرة من زوجته \” أم ياسر\” حتى صباح اليوم التالي عندما توجه لديوان مجلس الوزراء فإذا بالملك خالد يزيل عنه ذلك القلق ويطالبه بنفس الشفافية التي يجب أن تكون بين ولاة الأمر ومواطنيهم لتصل للرأي العام وقابل اللفتة الحانية تشجيع من الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله \” ولي العهد آنذاك \” وكذلك الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله \” النائب الثاني لمجلس الوزراء في ذلك الوقت \” أعاده الله لنا سالما معافى من رحلته العلاجية.

[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *