الفساد الاجتماعي قد يصل إلى نخاعي

• د. منصور الحسيني

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. منصور الحسيني[/COLOR][/ALIGN]

أنا الوطن ولدي مشكلة صحية سببها أبنائي، ولكي لا تزداد علتي التي سوف تنعكس عليهم، ولأنني الذي أحميهم ولا أستطيع أن أجافهيم، قررت أن أشكوهم إليكم.
مشكلتي مع أكثرهم أنهم غيروا الأوليات بحيث أصبحوا يفضلون الإكسسوارات ويعتبروها أمورا أساسية ويتجاهلون الأساسيات ويعتبروها ثانوية، هذا هو حالهم وكأنني لست في بالهم.
ماذا يفعل كثير من أبنائي في أنفسهم وينعكس فعلهم على مستقبلهم؟
يعتقدون أن الحياة تزدهر باللباس والتظاهر أمام الناس ولا يهتمون بحالة الرأس الذي هو الأساس. لديهم مشكلة جماعية هي العزوف عن القراءة التي هجروها فهجرتهم الثقافة، يحفظون كل الأغاني، أسماء اللاعبين والممثلين في حين أنهم إذا سألتهم عن جائزة نوبل تجدهم متلعثمين أو يجيبونك أن أصلها من الفلبين. لديهم نهم في كل شيء فيستخدمونه إلى درجة التخمة، لا يعترفون بالمعايير والمقادير بقدر ما يهتمون بإرضاء نشوتهم حتى في حال اعتلال صحتهم وشخصيتهم. يستخدمون السيارات على الطرقات وكأنها مدرجات مطارات، لا يهتمون بالإطارات، بالإشارات أو حتى استخدام المرايا ويموتون أمامي بالمئات. عندما يقررون الزواج ينقلب حالهم ولو من خلال الديون إلى حفلة مظاهر لأنهم يهتمون فقط بالظاهر. يذهبون للمدارس وينتهي بهم العام ناجحين في حين أنك تجدهم غير عارفين ناتج ضرب خمسة في عشرين، وفي الكمبيوتر لا يعرفون غير الشات والفيديوهات، وعندما تسأل أحدهم عن أبسط العلوم تجده في ثيابه يعوم. يستصعبون الاستفسار حتى وإن لم يعرفوا حسن الاختيار لأنهم يظنون أنه يفضح الحال فيقعون فريسة للاحتيال فيتفاجأون بأوضاعهم وهي تنهار. أغلبهم يريد أن يصبح مديراً، يريد عمل المكاتب سواء بدخل منخفض أو مسمى كاتب، يترك الأعمال التي تحقق الملايين، يستعر منها ويحصدها من أمامه عامل أو نجار وبالدولار. إذا قلت لهم اسمعوني وجدتهم لاهين وإذا تركتهم رجعوا يبكون، لذلك أصنفهم أكثرهم كجهال لأنهم لا يحبون الثقافة وقد يحسبونها لقافة.
أستغرب على أبنائي أسلوب حياتهم واستهجن بعض رغباتهم، لكنني لا أستطيع تغيير ما في أنفسهم لأنهم أحرار كما أرادهم خالقهم ولذلك جعل مصيرهم الجنة أو النار، لن أطالبهم بمغادرة الدار بل سوف أسهر على راحتهم في الليل والنهار لعلمي أن كثيراً منهم مازالوا صغارًا، سوف أكرر محاولاتي لزيادة عدد المثقفين والأخيار لعلهم يتحولون من حياة الليل إلى نشاط النهار.
أنا لا أبخل على أبنائي في عطائي ولكني أجد بينهم من ينكر المعروف ويفضل حياة الكهوف على الظهور أول الصفوف لسعيه إلى تطرف أو ارهاب مكشوف استوطن عقله فجعل فهمه للحياة ملفوفًا.
فليستيقظ أبنائي حتى لا يضيعوا ومعهم أحفادي.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *