[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عائشة عبيدان[/COLOR][/ALIGN]

استأنف الطلاب الدراسة في مدارسهم وجامعاتهم، كما استأنف الموظفون مباشرة أعمالهم بعد انقضاء إجازة عيد الأضحى المبارك بجماليات شعائره ومناسكه إجازة طال امتدادها استغلها الغرباء في الذهاب لأوطانهم لقضاء العيد بين ذويهم، بينما حدث النفير الجماعي لأبناء الوطن لقضاء العيد غرباء خارج حدود الوطن.تلك الإجازة التي لا ندرك كيف يتم فيها الترحال من الوطن. ولماذا تُحزم الحقائب للسفر بعيدًا خارج الحدود . وفي مثل تلك المناسبات الدينية دون الاستشعار بقيمة تلك المناسبة الربانية السنوية وما تحويه من مشاعر ومناسك مقدسة، حثنا ديننا العظيم على تفعيلها اقتداءً بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ودون الإحساس بجمالياتها من التواصل والتقارب والتجمع الأسري في البيت الواحد والوقت الواحد تتخللها فرحة الأطفال بالعيدية، والكبار بالزيارات المرتقبة، والاستعداد لصلاة العيد، وأضحية العيد، تنفيذًا لأمر الله بقوله: \”فصلِ لربك وأنحر\” وقوله تعالى: \”ولكل أمة جعلنا منسكًا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام\”.. كما هي الفرحة باستقبال حجاج بيت الله الحرام، خلالها تنصهر كل المشاحنات والمباغضات التي شكلتها الحياة المادية بمنغصاتها جعلت الأسرة الواحدة في شتات لتتصافح القلوب في تلك المناسبة، وتتلاحم الأيادي بالتحايا والتبريكات معلنة التسامح والتقارب والتراضي وقبول الآخر، أليست الأعياد رمزًا لنبذ الخلافات وتجاوز المشاحنات؟.
ليلتئم الشتات وتتلاحم القلوب، فما الذي حدث حتى تلاشت تلك المفاهيم؟.. ما الذي حدث حتى يكون الفرار الجماعي من الأوطان هو السائد في الأعياد، هل تغير العيد أم تغيرنا حتى جعلنا عيدنا ضيفًا غريبًا عابرًا كغيره من الأحداث التي تمر علينا دون الإحساس بقيمة مناسكه وأهميتها في تعزيز سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وتثبيت مفاهيمها في نفوس الأجيال لاستمراريتها في حياتهم كعادة سنوية دينية ومنسك متوارث، ما الذي طرأ حتى أصبح عيدنا السنوي تائهًا في عالم متغاير مع الفكر الإنساني المتغير الذي يبحث في ركام الحضارة المادية عن التغيير والتجديد، كما يبحث عن الراحة والتقاعس عن تأدية الطقوس والشعائر الدينية في العيد والإحساس بجمالياها وبهجتها وعظمتها، لذلك يؤثر الغربة والرحيل، كيف نعلم الأجيال وجوبية وحتمية اتباع السنة النبوية في اتباع المناسك والشعائر الدينية في أوطاننا ونحن نحزم حقائبنا مع الإعلان عن الإجازة للسفر والترحال إلى أوطان أخرى لنعيش غرباء المناسك وغرباء الأوطان، وغرباء الأحضان تغيب معها فرحة العيد وبهجته، هل تغير العيد أم تغيرنا!! أم أن أعيادنا أصبحت مجرّد مواسم للهجرة والترحال دون الاستشعار ببهجة العيد بين أسرهم وفي أوطانهم، حتى أصبحت أعيادنا – مع الأسف كمن لا عيد له، تلاشت مناسكها وطقوسها مع تلاشي الكثير من الاحتفالية بها في أوطانهم.
ليس غريبًا أن يرحل الغرباء إلى أوطانهم للاحتفال بأعيادهم داخل حدود أوطانهم وأحضان أسرهم، لكن الغريب لماذا يرحل أبناء الوطن من وطنهم قبل أن تشرق شمس العيد أم أن الفرار من المناسبات أصبح عادة اجتماعية مألوفة أو فرضية متوارثة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *