في إحدى النقاشات الجامعية، سأل البروفيسور السويسري سؤالا بسيطا:” لماذا تشتكي المجتمعات العربية دوماً من حكامهم العرب” ثم اتبع قائلاً: فهل تعلمون أن بلادكم ستتحول إلى بؤر طائفية حال مغادرة من تدعونهم” بالأنظمة الديكتاتورية”.

لم” أعي” صحة هذه المقولة حتى جاء اليوم الذي رأينا فيه كيف تشرذمت ليبيا ، وتشردت الصومال، و تأخونت مصر بعد رحيل الرئيس حسني مبارك، وبعد أن حصل ما حصل في تونس، بعد أن رحل الرئيس زين العابدين الذي تخشى (أعتي الأقلام) أن تكتب ما سطره هذا الرجل اقتصادياً وثقافياً في تونس…التي تحولت بعده الى دولة مجهولة التوجه! مذبذبة الهوية الاجتماعية! في مهب الريح لكل من جمع شوية اصوات انتخابية ولعب لعبة (مَا أُرِيكُم إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهدِيكُم إِلَّا سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ) ولعب على وتر الدين والحاكمية.

فهل تعلم أن سياسات الأنظمة السابقة -مع بعض التحفظات- يحسب لها انها وحدت الصفوف، وسدت الخلل ونشرت المفاهيم الوطنية! ولكن فشلت للأسف في تغيير عطن وحزبية وطائفية (المواطنين) فلما انزاح الغطاء، ظهر التشرذم الطائفي، والقبلي، بعد أن فشل تعليمهم في صناعة عقل عربي واع، لا ينجر خلف (كل من ادعى انه التقي النقي) الذي يلبس ثوب الرياء الساطع الناصع التي يتعلق بأطرافه العوام والهوام.

فذاك سيدنا اسامة بن زيد -رضي الله عنه- قدمه صاحب الحكمة والعصمة- صلى الله عليه وسلم- ليقود جيشا كاملا، ويحكم فيه برأيه، مع أنه لم يكن عالما ولا فقيها! ذاك هو التمسك (بفقه الواقع) ونقيضه الانفصال عن الواقع، كما رأينا مع الشعب الفارسي الذي انتخب ملالي ايران…. وشعوب اختارت فقيه جرجستان و قواعد افغانستان! وبغدادي عراقستان!

ولن أكمل بأندونيسيا ولا بدولة باكستان! تلك الدول التي كسرت كل النظريات والأطروحات السياسية! غالبية متشددة، لم يسبق لها أن وقعت في خطيئة انتخاب رئيس ديني! دول فقيرة اقتصادياً ولكن غنية بالمفكرين والإعلاميين الذين ينيرون دروب المجتمع بالحكمة والمعرفة ويصيغون توجهاته.

وها هي باكستان دولة من دول العالم الثالث تمتلك صواريخ وقدرات نووية! اعتقد ان سبب نبوغ باكستان، يرجع للحرب الباردة التي قضتها مع الهند!

تلك هي (الحرب الباردة) التي جعلت الولايات المتحدة تنتج الغواصة النووية في نهايات الخمسينات! ومعظم الأدوات والمخترعات التكنولوجية التي تحولت من (أسرار عسكرية) الى رفاهية اجتماعية (جوالات، دشات، رسيفرات، انترنت.. الخ) كلها مخترعات، تم تمويل اختراعات وانتاجها من المؤسسات العسكرية خلال الحرب الباردة!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *