الغرف التجارية ومخرج الطوارئ

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد المنقري[/COLOR][/ALIGN]

لدينا مجموعة شاهقة من المباني الأنيقة تسمى الغُرف التجارية، ومن يتأمل تشكيلاتها العمرانية يتأكد لديه أنها تقف على أساس مالي متين، ومن سَنحَت له فرصة قراءة بعض تقاريرها السنوية يعرف حجم الإيرادات المذهلة التي تصل إلى خزاناتها ، ومن تتوافد عليه منغصات الحياة لابد أنه قد قرأ في صحف شتى عن صراعات تدور في كثير من الغرف التجارية، ومن حاول تجربة حظه في الحياة ليخرج من دائرة التعساء وذوي الدخل المحدود ففتح سجلاً تجارياً أو مارس عملاً اقتصادياً فإن ميزانيته البسيطة ستفقد جزءا منها لقاء وجوب الحصول على عضوية الغرف التجارية وإن كانت من أردأ الدرجات . ولئن دفعت رسماً سنوياً فإن ذلك لن يعفيك من دفع رسم خدمة صغيرة مثل التصديق على معاملات او غيرها فكل تصديق يفرض عليك دفع 25 ريالاً.
الغرف المهيبة تجلب الرسوم بكل اريحية ولا تقدم لأعضائها العاديين الذين يشكلون الاغلبية الداعمة لها شيئا يذكر حتى المجلة البسيطة لا تصل إليك ، ولا أي أدلة تتسارع وتيرة إنتاجها من الغرف وبأعلى المقاييس الطباعية الباذخة بلا حسيب أو رقيب، ولا تقدم لمشتركيها نشرات عن الفرص في السوق أو التحديات التي تواجه الفعل التجاري وخير دليل على هذا القصور ما توفره الغرفة في جدة عبر موقعها في الإنترنت.
الغرف التجارية التي تُلزم اصحاب المشاريع الصغيرة بدفع رسم العضوية تتناسى أدواراً كثيرة يجب أن تؤديها لهؤلاء بدلاً من صرف كامل جهودها لأصحاب العضويات الممتازة الذين يحصدون ثماراً عدة من المؤتمرات الفارهة التي تتبناها الغرف او تدعو لها، والفئة الراسخة في بلاط العمل التجاري قد لايهمها ان تتوجه استراتيجات الغرف التجارية إلى الشرائح الجديدة واصحاب المشاريع الصغيرة الأولى بالرعاية والاهتمام لصالح البلاد ومستقبلها وشبابها.
ربما كان اصحاب المشاريع الصغيرة بحاجة ماسة إلى المراكز المتخصصة بتقديم دراسات الجدوى والاستشارات التي تساعد على تجاوز المنغصات وتحسين مستوى التعامل مع الجهات الأخرى ذات العلاقة بتنظيم واقع الشارع التجاري حيث تأتي بعض ممارساتهم لتعطيل المشاريع التي يقوم عليها الشباب في حين يلتمس آخرون سبلاً شتى غير مشروعة لتلافيها.
كثيرون لا يعرفون لماذا يدفعون رسوماً سنوية للغرف التجارية، أو وزارة التجارة، ولا يطالبون بما يجب أن تؤديه هذه القطاعات لقاء هذه الرسوم ، وقد بحثت كثيرا لمعرفة ملتقى أو فريق ميداني ت،سس بمبادرة من هذه القطاعات لمتابعة المشاريع الصغيرة وتعضيد جهد الشباب والجيل الجديد لإيجاد فرص عيش كريم فلم أجد إجابة، وتعاملت مع مواقع إلكترونية لبعضها فوجدتها أكثر بؤساً في غالب عناصرها وكأنها تصدر عن مؤسسات فقيرة مالياً وفكرياً.
الغرف التجارية يجب ان تحمي ابناءها وخاصة الصغار الذين لا يقوون على مجابهة سوق شرسة منفردين فعلى مقربة من مبنى الغرفة في جدة مثلاً يحفل مبنى فرع وزارة التجارة بضجيج وسوء في التنظيم يندي له الجبين، وقد يكون للغرف التجارية باعتبارها أقدم مؤسسات المجتمع المدني المستقبل في البلاد أن ترفع المضايقات عن اعضائها ، وتقنن واقعهم وتساعد على وضع استراتيجيات نزيهة وخاصة ان القطاع التجاري والصناعي لا تنفع فيه اللغة الإنشائية والكلام العابر بل لغة الأرقام العاقلة.
وفي الختام هناك سؤال صغير عن سبب تعامل صغار التجار مع ثلاثة قطاعات منفردة قد تجمع في موقع واحد برسم موحّد حيث يجب ان تدفع رسماً لوزارة التجارة، وآخر للغرفة التجارية، ومبلغاً مبالغاً فيه لقاء إعلان صغير في صحيفة أم القرى، ثم إعلان في صحيفة محلية، ثم يتبع ذلك جولة مكوكية فريدة تبدأ من أروقة البلديات ولن تنتهي في مكاتب العمل والاستقدام والتأمينات .. أظن مثل هذه السيناريوهات المذهلة تدعو الغرف التجارية الصناعية إلى فتح مزيد من مخارج الطوارئ كيلا يصبح سوقنا مثالاً يضرب به في التعقيد في لحظة نتحدث فيها بابتهاج عن أنظمة تجارية في دول مجاورة بدأت بعدنا واستحقت الريادة.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *