الغد الذي لا يأتي أبداً!

Avatar

رؤى صبري
كثيراً ما نسمع عبارة عندما يأتي غداً,ويمتد هذا الغد إلى ما بعد الغد وإلى ما بعد بعد الغد,حتى أن المرء يستعجب لو جاء هذا الغد حقاً!
تماما كالغد الذي قررت ابنة خالتي أن تبدأ فيه الحمية الغذائية,ومازلنا جميعاً ننتظر ذاك الغد بالرغم من تأكدي الدائم بأنه لن يأتي أبداً!
فلو كان لديها نية صادقة لما أجلت موضوع الحمية إلى الغد بل لباشرته اليوم والآن دون إهدار لحظة أو دقيقة في إنجاز العمل,فالأعمال لها وقت محدد يجب أن تنجز خلاله,فإذا لم ننجزها فقد تضيع منا وقد تتضمن فرصاً ثمينة لاتتكرر أو قد تتعلق بمستقبلنا أفراداً وجماعات بل بمستقبل الوطن والأمة وربما تعلقت بصحة الناس =. ومن هنا نستطيع القول إن التسويف هو دودة تنخر حياة الإنسان فلا يتبقى منها شيء صالح للاستعمال البشري, الغريب أنه مثل الإدمان يستمر عليه الإنسان يوما تلو الآخر دون أن يشعر إلى أن يسلبه حياته الايجابية ويبقى له حياة سلبية ضررها أكبر من نفعها.
ومازلت أذكر الحكاية الطريفة عن الحداد الذي اقترض مالاً من أحد التجار,وعندما جاء وقت السداد ظل الحداد يقول له \”بكرة\” وكل يوم يأتي التاجر يقول له فيه \”بكرة\”,ثم جاء التاجر في يوم ولم يكن الحداد موجوداً,فسأل العامل عن الدين,فقال له:تعال بعد مئة سنة.
وعندما جاء الحداد أخبره الصبي بما جرى فقال له لماذا قلت له ذلك؟ إن كلمة بكرة لاتنتهي أبداً!
المشكلة إن تأجيل الأعمال قد لاينتج فقط عن تكاسل أو قلة عمل بل قد يمتد إلى خوف من مواجهة العمل,فمثلاً قد يخشى الإنسان نتيجة فحوصاته فلا يراجع الطبيب,وبالطبع يبدع في خلق الأعذار والمبررات للتأجيل والتهرب غير عالم بأن أفضل طريقة للقضاء على الخوف مواجهته,فأنت لا تخاف قط من شيء تعرفه,بل الخوف كله من المجهول.
* كاتبة سعودية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *