[COLOR=blue]أمل عبدالملك [/COLOR]

كنت أتابع إحدى القنوات المختصة بالطبيعة والحيوانات وصادفت فيلما وثائقيا عن عالم الحيوانات المفترسة وكان مليئا بالدم والعنف والعدوانية والأنانية في ما عدا لحظات الراحة والوداعة التي تنتاب الأسد عند الشبع فيتحول إلى هر لطيف مع اللبؤة التي تتشابه معه في العنف والسرعة في اقتناص الفريسة. للحظات شعرت بقسوة تلك الحيوانات المفترسة في الوقت نفسه شعرت بالآسى لتلك الحيوانات الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة مثل الغزال الجميل والزرافة الأنيقة .
قد يكون كثير منكم شاهد هذه المشاهد وتألم للحظتها أو أنه استمتع بمشاهدتها وعرف شيئا جديدا عن عالمها ،ولكن ما لفت نظري وأنا أشاهد الفيلم هو تشابه تلك العدوانية مع بعض أفراد المجتمع الإنساني الذين يتفنون في عدوانيتهم وبطشهم في أذى الآخرين خاصة مع تميّز الإنسان عن الحيوان بالعقل مما يجعل العدوانيين أكثر بشاعة في عنفهم لأنهم لا يستخدمون قوتهم العضلية فقط وإنما الدهاء والمكر الإنساني، فنجدهم يبحثون عن أكثر الأساليب إيذاءا للآخرين وبدهاء يتصيدون الأخطاء ويستغلون نقاط الضعف ليوقعوا بفريستهم ويشوهوا سمعته أو يسلبونه حقوقه أو يورطونه في مواضيع خطيرة تجر عواقب وخيمة لا يمكنه أن ينجو منها أحيانا.
وإذا ما تساءلنا عن دوافع الافتراس الحيواني فسيكون السبب الرئيسي غريزة الجوع التي تدفع بالبحث عن الطعام، ولكن ما الدوافع التي تدفع الإنسان اللجوء للعدوانية وإيذاء الناس و افتراسهم، قد يكون الجوع ولكن ليس للطعام بقدر ما هو لمضاعفة المال، كما تلعب الأنانية والغيرة البشرية من النجاح عاملا مهما فأعداء النجاح يحاولون بكل دهائهم إحباط الناجحين وإدخالهم دائرة اليأس والتقوقع حتى لا يكونوا مؤثرين في المجتمع ولا تظهر صور نجاحهم، بالإضافة إلى الطمع والأنانية والغيرة هناك الأمراض النفسية التي تصيب الإنسان بخلاف الحيوان .
نخلص من ذلك أننا نعيش في غابة بشرية شبيهة بغابة الحيوانات إلا أن ما يميزها العقل المُدبر وهو أكثر الأسلحة فتكا إذا ما لم يتم تهذيبه بالأخلاق والتربية الصالحة والقناعة والإيمان بالله تعالى والاعتقاد بأن الأقدار من عنده تعالى ولا يمكن لأحد أن يحصل على شيء دون إذنه وانه لن يتمكن أحد من قتل روح صالحة إلا بإذنه تعالى.
كرّم الله الإنسان وخلقه في أحسن تقويم وميّزه بالعقل فلنحمد الله على ذلك ونترك له الثواب والعقاب ونتحلى بالصبر ونؤمن بالقضاء والقدر ونرضى بما قسمه لنا، لنعيش في عالم هادئ وسعيد بعيد عن عدوانية الغابة وقسوتها!! و عندما تتأمل الكون وما به من طبيعة وأحداث وخيرات تعرف عظمة الله في ما خلقه، فكن رحيما بالغير فالرحمة من صفاته عز وجّل!!.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *