العمل الصالح والسيرة الحسنة
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]مصطفى محمد كتوعة[/COLOR][/ALIGN]
الإنسان البار بأهله والبار بمجتمعه وبلدته ، تظل سيرته حسنة وذكراه عطرة ، وهذه نعمة لا يقدر عليها إلا ذوي العزم من عباد الله ، وكلنا نعرف أسماء وشخصيات من ذوي السيرة الحسنة ولا يذكرون إلا وينالون من الدعاء ما يعكس حبا في نفوس الناس ، وكما قال خير الأنام وسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم \”خير الناس أنفعهم للناس\” ، وكم من رجال دلتهم نفوسهم الطيبة الذكية على الخير ، ولم تعرف سواه سبيلا ولا بديلا .
جاءني هذا الخاطر وأنا أستمع لشهادة حق في رجل عزيز رحل عن دنيانا الفانية ، وقد سرني أن أسمع الذكر الحسن عنه ، فقد كان صديقا غاليا وصدوقا ألا وهو الراحل حسن إبراهيم العمري رحمه الله ، وقد عرفته منذ زمن في حياته التي ازدانت بأطيب الأقوال وخير الأعمال ، جعل الله ذلك في موازين حسنه كما عرفته عن قرب ورأيت كم تكون سعادته وانشراحه وهو يسعى إلى الناس ومن أجلهم وبينهم بالخير ، ويتلمس الحاجات ويسارع إلى قضائها ، وكان هذا أكثر ما يدخل السرور على قلبه وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحب الناس إلى الله أنفعهم ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربة ، أو تقضي عنه دينا ، أو تطرد عنه جوعا )
لقد عرفت الراحل طيب السيرة والذكر الشيخ حسن إبراهيم العمري وفياً لبني جلدته في المخواة والعديد من القرى والمدن ، وكان دائم التواصل معهم والسؤال عنهم ، ويقدم خدماته إليهم ، وكان وفاؤه صادقا لأصدقائه في زمن يكاد يعز فيه الوفاء إلا من رحم ربي ووفق إليه عباده الصالحين ، وكانت صداقته مطهرة من دنس النفاق ، فلا كان بحاجة إليه ولا بحاجة لأن يسمعه بل كان زاهدا في كل ما يزين للنفس غرورها ويكره أن تسمع أذنه إطراء يعلم أن وراءه بريق المال، وكأن لسان حاله يقول ما قاله الشاعر :
إذا قل مالي فلا خل يصاحبني …
وفي الزيادة كل الناس خلان
رحم الله أخي حسن العمري ، فالمساجد تشهد له بإذن الله بارتيادها وبأنه كان من عمّارها ، وهذا ما سمعته وأسمعه من المصلين الذين جاوروه في الجماعة وقد جاورته مرارا وكان وجهه كقلبه يغمره البشر والطمأنينة والرضا ، وسيماه على وجهه إيمانا وتواضعا ولسانه ذاكرا شاكرا لله فضله وأنعمه .
وأذكر ذات يوم في حياته رحمه الله ، أن شكوت له أمر صديق أثقلت الديون كاهله وضاقت به السبل ولم يكن باستطاعتي مساعدته ، فنظر إلي وقال :\”يا أبا صافي لقد سمعت بيتا من الشعر يحمل معاني الحكمة يقول :
بنك الوفا قفل أبوابه للجرد … ما هو دليل افلاس
ولما ظهر كشف حسابه للناس … بانت خسائره ناس
وإنني أذكر هذا الرجل صاحب المواقف وأذكر مع سيرة مناقبه الكثير من ذوي المواقف الحميدة الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة كما قال الحق تبارك وتعالى .
ليت هذا الخير لا يغيب عن مجتمعنا وعن الذين أنعم الله عليهم بفضل وسعة ، فقد أصبحنا نرى الشقة والمسافة بعدت عن البعض ونسوا أهلهم الأقربين ، وتبدلت لديهم أولويات الدنيا وزيف بريقها ، وضاقوا بالأرحام وإن تعففوا ولم يسألوهم من مالهم شيئا ، يعد في دفتر هواتفهم ولا ذاكرتهم إلا ذوي الجاه والمال باعتبارهم المجتمع الأقرب ،لكن هذا عند الله له شأن آخر وقد قال سبحانه :\”والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا\”.
رحم الله صاحب السيرة الحسنة ومن سطر صفحات حياته بالباقيات الصالحات رجل البر حسن إبراهيم العمري فقد أحب الناس فأحبه الله وحبب فيه عباده ويذكرونه بالدعاء .. ولعل في سيرة هؤلاء الطيبين الخيرين ذكرى فإن الذكرى تنفع المؤمنين .. وفق الله الجميع للخير .
حكمة : فلخــير أيـــــام الفـتـى *** يوم قضى فيه الحوائج
للتواصل : 6930973 02
التصنيف: