[COLOR=blue]فاطمة المزروعي [/COLOR]
عندما تستخدم سيارة مضى على موديلها أعوام عدة قد تسمع من يقول لك إن عمر سيارتك الافتراضي انتهى، لماذا لا تستبدلها بسيارة أخرى جديدة آخر موديل؟ عندما تسكن في مبنى مضى عليه سنوات قد تسمع من يقول لك: إن هذا المبنى قد انتهى عمره الافتراضي، ولازم يتم تجديده، بالمثل قد تسمع هذه الكلمة عندما تستخدم جهاز جوال مضى عليه أشهر، فيأتي من يقول لك ناصحاً باستخدام جهاز أكثر تطوراً، وأحدث، لأن جهازك انتهى عمره الافتراضي.
إذن هذه الكلمة نسمعها بين وقت وآخر من زملاء العمل والأصدقاء والأقارب على حد السواء.
أعتقد أن هذه الكلمة تساعد على أن نكون أكثر استهلاكاً، وأكثر شراء، إذ تجعلنا في تتبع دائم لأحدث الموديلات، وآخر الصيحات، وقد يعلم البعض أن هناك تجارة كاملة تقوم على السلع شبه الجديدة، ويتم تحقيق أرباح طائلة من هذه التجارة. لابأس بأن يمضي على سيارتي سنوات عدة مادامت تعمل بكفاءة، بمعنى ما الغرض والهدف من تبديل السيارة في كل عام، وتكبد خسائر باهظة؟
تحكي لي صديقة خليجية أنه في شهر ديسمبر من كل عام يتفضل عليها موظف في إحدى وكالات السيارات بالاتصال، والحضور لأخذ سيارتها وبيعها واستبدالها بسيارة جديدة آخر موديل، وهي فرحة وسعيدة بتفاني، وإخلاص هذا الموظف، وجميعنا، وهي أيضاً تعلم أنها تتكبد خسائر مزدوجة من هذه العملية، فالخسائر تلحق بها من جانبين الأول من بيعها لسيارة جديدة، ومستخدمة استخداماً خفيفاً لنحو أحد عشر شهراً، فقط بيعها بمبلغ متدن يختلف عن سعر السوق، لأن لا خبرة لها، أو معرفة في هذا المجال، والخسارة الثانية شراء سيارة جديدة آخر موديل بسعر مرتفع جداً، فهي تتكبد سنوياً خسارة مضاعفة وبالغة، والسبب هو البرستيج والمظاهر، يمكنكم مشاهدة مثل هذه النماذج حتى في صغار السن من الأبناء والبنات عندما تراهم يسارعون ببيع أجهزة جوالاتهم الجديدة لشراء جهاز جديد يقال إنه أحدث وأكثر تطوراً، وفي الحقيقة هؤلاء الأطفال يتم تعليمهم، وتدريبهم على هذا السلوك الاستهلاكي منذ نعومة أظفارهم، وستكبر معهم هذه النظرة لباقي السلع والأدوات والمستلزمات التي سيحتاجونها في المستقبل، وأخشى أن هذا السلوك تدعمه عملية تجارية سريعة الحركة والتأثير في الناس، لكننا لا يمكن أن نغفل أننا نحن من يسبب هذه المعاناة، وهذه المطاردة العميقة للموضة، ونتكبد في سبيلها مبالغ مالية كان يمكن ادخارها وصونها.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *