معظم الذين يمارسون الرقية الشرعية أو العلاج بالطاقة ينجحون في معالجة البعض من المرضى ويفشلون مع البعض ، لكنهم نادراً ما يعترفون بذلك ، فقط يروجون عن أنفسهم باستعراض الحالات التي نجحوا معها ، أما الحالات التي يفشلون في معالجتها فلا يأتون على ذكرها بتاتاً !

مع أن المجتمع لو علم أن ذلك المعالج أو تلك المعالجة قد نجحت في علاج حالة واحدة من بين ألف حالة لانساقوا لها دونما اكتراث لفشل (٩٩٩) حالة المتبقية ، ولسان حالهم يقول : لربما كنت أنا البسط وغيري هو المقام .
على أية حال ليس هذا موضوعنا ، موضوعنا هو لماذا ينجح هؤلاء المعالجون في علاج البعض مع أن ما يقومون به ليس سوى كلمات يقرأونها على رأس المريض في حالة ( الرقية الشرعية ) أو حركات وإيماءات في حالة الريكي ( العلاج بالطاقة ) ؟

قبل الإجابة اسمحوا لي التأكيد على أن القرآن الكريم الذي يستخدمه البعض كأداة للتجارة والشهرة سيظل أعظم معالج للنفس والروح ، لكن بشرط أن يقرأه الإنسان ويتدبره من تلقاء نفسه دون وسيط ، فالمؤسف اليوم أن البعض يعتقد أن العلاج هو بيد الوسيط ( القارئ) وليس في كلمات الله تعالى التي أنزلها قرآناً مبيناً إلي يوم الدين ، لذلك لا ينصحونك بقراءة القرآن حينما تشتكي من مرض أو تعب لتعالج بنوره روحك أو روح من تحب من ذويك !! بل ينصحونك أن تذهب لشيخ يقرأ عليك !!

أما سبب نجاح أولئك المعالجين فيعود لظاهرة نفسية تسمى ( البلاسيبو ) والتي تعني العلاج بالوهم ، هذه الظاهرة تفيد في علاج كل من كان سبب مرضه الوهم ، كأن يتوهم أن عفريتاً تلبسه ، أو عيناً أصابته ، أو سحراً عمل له ، ولأن عمل الدماغ مبني على ما يرده من بيانات سواء حقيقية أو مزيفة فإنه يعمل ( أي الدماغ ) على تعطيل العضو الذي يعاني منه المتوهم أو تجاهله أو تنبيهه بالألم ،

ويستمر كذلك حتى يتم تغذية الدماغ من جديد ببيانات جديدة ( وهم ) تقول له أن العضو أصبح على ما يرام ، فيعود الدماغ من جديد للتعامل مع ذلك العضو بشكل طبيعي ، مما يوحي للمريض أنه قد تعالج من مرضه المتوهم ، لكن ماذا لو أتاهم شخص مرضه ليس وهمياً ، إنما مبني على بيانات حقيقية ترد منه إلي الدماغ ،

هل يستطيعون علاجه بالبلاسيبو ؟ بالطبع لا ، لأن الحقيقة لا يمكن مجابهتها بالوهم ، لكن المشكلة أن هذا الأمر لايعنيهم ، ما يعنيهم هو أن يأخذوا منه قدر ما يمكنهم من الأموال قبل أن ييأس وينقطع عن الجلسات أو يسبق إليه الموت ، ففي النهاية لن يلتفت الناس لهذا الفشل ،

فكل أعينهم منصبة على نجاحاتهم مع المتوهمين ، من هنا لم يزل الرقاة ومعالجو الريكي يحظون بشهرة واسعة في المجتمع لم ولن تنكسر أبداً إلا في حالة واحدة ، إذا تمكن المجتمع نفسه من التفريق بين الوهم والحقيقة.

Abha/Tanouma61899 /P.O:198
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *