العقاب الخفيف ينفع ولا يضر

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عائشة الكعبي [/COLOR][/ALIGN]

ألم بي وجع أسنان اضطرني لأن أقصد أقرب عيادة أسنان، وفيما كنت أنتظر دوري شهدت مشهداً محزناً. طفلة لم تتعدَ الحادية عشرة من عمرها تخاطب والدتها بكل وقاحة وجرأة على مرأى من الناس ومسمع، والأم لا تملك إلا أن تداري وجهها خجلاً. وترحمت على الزمان الذي كنا نخاف فيه من غضبة والدنا ومن “مقشة” والدتنا. الغريب أن هذا الخوف لم يكن على أنفسنا من قسوة العقاب، بل أن تهتز صورتنا أمام والدينا إذا ما علم أحدهما بخطأ ارتكبناه، وذلك من فرط احترامنا لهما.
وخلافاً لذلك نرى الكثير من أبناء هذا الجيل الجديد للأسف وقد انفرط عقد تربيتهم وليس لهم كبير كما يقال. فلا يتأدبون في حضرة آبائهم ولا يتهذبون في الحديث مع أساتذتهم. الطريف في الموقف الذي ذكرته هو أن هذه الصبية كانت تتعارك مع والدتها من أجل السماح لها بتركيب مقوّم الأسنان الذي أصبح بقدرة قادر موضة لمن تتطلب أسنانه التعديل أو لا تتطلب، بينما كان على أيامنا مصدر خزي حتى لأولئك الذين يحتاجون إليه بشدة.
وفيما كانت الأم تتمتم لابنتها بالرفض كانت الفتاة تصرخ بعلو صوتها وبنبرة تحدٍ: “هي أسناني وليست أسنانك، سأركب التقويم شئتِ أم أبيتِ”، أوَ كان أحدكم سيلوم والدتها لو أفحمتها بصفعة؟ أنا بصراحة لم أكن لأفعل. وأذكر هنا نقاشاً دار بيني وبين إحدى الأخوات المثقفات التي كانت تبالغ في تضخيم الأمر إلى درجة تعتبر معها أن فركة الأذن من قبل الوالدين نوع من امتهان إنسانية الطفل. وأذكر أن ردي عليها كان : لو كنت أماً لما تكلمت هكذا. العقاب البسيط والضرب التأديبي غير الموجع لن يضرا الطفل في نظري بل ينفعانه. ولنا أن نتخيل طفلاً لم يتعرض إلى توبيخ أو تأديب طيلة سنيّه الأولى، وفجأة يذهب إلى المدرسة حيث الأطفال عنيفون بطبعهم، هل تتوقعون الصدمة التي سيتعرض إليها؟ وكيف سيتقبل هذه النقلة النوعية من عالم المثالية إلى واقع الحياة العنيف بطبيعته؟
لا أريد أن يفهم كلامي خطأ، فأنا لست مع ضرب الأطفال، ولا أقبل أن يمد أي معلم أو معلمة يده على الطفل بحجة التأديب، فهو حق للوالدين وليس سواهما، إذا ما اقتضى الأمر، ذلك لأن الوالدين حتى حينما يعنفان طفلهما فهما يعنفانه بحب، ولأنهما يحبانه ويريدان له أن يكون الأفضل. وربما كانت غلطة الأم في هذه القصة هي ظنها أن حب الأبناء يعني الإفراط في تدليلهم وانحسار نفوذها عليهم، في حين طغى نفوذ التكنولوجيا على أبنائنا فأصبح ل”النت” والسينما و”الموبايلات” الدور الأكبر في تنشئة أبنائنا.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *