العرب وتحديات التنمية البشرية

Avatar

سيف السحباني

ندرك جميعاً أن الأقطار العربية بلا استثناء لاتزال بعيدة عن مواجهة المعضلة الكبرى،بل والتحدي الأبرز في طريقها إلى النهوض والتقدم ، ألا وهي معضلة التنمية البشرية . إذ من الملاحظ أن حجم الاستثمار في القوى البشرية لا يزال متواضعا قياسا بالاحتياجات الفعلية لها وبحجم الطلبات المتزايدة عليها في الأسواق ، وهذا عائد بالطبع إلى أن الدول العربية قد ركزت خلال الفترة الماضية على مشاريع البنية التحتية إلى جانب المشاريع الإنتاجية والخدمية الأخرى ، وغاب عن بال المسئولين العرب أن العنصر البشري هو العمود الفقري لأي تنمية شاملة في أي مجتمع من المجتمعات ، فهو المحور الأساسي لأي مشروع وبدون وجود العنصر البشري المؤهل والمدرب تدريبا عاليا لن يصمد أي مشروع ولسوف يفشل بعد حين ، حتى وان راهنا على العناصر الأجنبية التي سوف نستقدمها فإن ذلك لن يفيد بشئ لأن العنصر الوطني يختلف اختلافا جذريا عن الأجنبي من كل النواحي ، والمواطن العربي أولا وأخيرا هو غاية التنمية ومحورها الرئيس .
ومن هذا المنطلق كان من المفترض أن نركز في كل خططنا التنموية على إعطاء الأولوية للتنمية البشرية حتى لا يمثل لنا نقصها أو انعدامها عائقا وتحديا كبيرا في تنفيذ بقية أهداف الخطط التنموية ، وهذا بالطبع لن يتحقق البتة إذا لم نعيد ترتيب الأولويات والتي نبدأها أولا بإعادة النظر بالمناهج التعليمية ونقلها من مرحلة التلقين والحفظ والصم إلى مرحلة التعليم التطبيقي القائم على إتاحة الفرص للجميع وإبراز المواهب والإبداعات والتمكن من الحصول على التدريب العملي الكافي للاضطلاع بالمهام المستقبلية للعنصر البشري المستهدف ، إيمانا من ضرورة التركيز على جعل مخرجات التعليم متوافقة إلى درجة التطابق مع كل خطط التنمية وعدم السماح للعشوائية أن تطل برأسها أبدا في هذا الجانب .
وثانيا معرفة الشركات التجارية والصناعية الوطنية بأن التنمية المستدامة لن تقوم لها قائمة إذا لم تدرك مسؤولياتها المجتمعية تجاه منسوبيها وبالذات المواطنين منهم ، من حيث إتاحة الفرص التدريبية والتعليمية لهم سواء قبل الالتحاق في العمل أو وهم على رأس العمل لأنهم في النهاية ، سينهضون بالشركات التي دربتهم وسيصلون بها إلى أعلى مراتب النجاح وسيصبون إنتاجهم في نهر التنمية الوطني الشامل ، الذي كلما ارتفعت مؤشراته انعكس ذلك إيجابا على الشركات الوطنية خاصة ، وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *