العرب .. والإعلام الجديد
كيف استقبل العرب ثورة الإعلام الحديث.. ولماذا كان العالم العربي أكثر شعوب الأرض في استخدام شبكة التواصل الاجتماعي.. ثم هل كانت نعمة أم نقمة على حياة المجتمع في منظومته بكل تركيباته الدينية.. والسياسية وتوجهاته الثقافية؟.. القصة هنا يمكن تلخيصها في سبب رئيسي مهم : وهو أن غياب الديمقراطية كان قد فرض واقعاً مخيفاً للرأي والرأي الآخر .
وهو ما أدى إلى فشل وسائل الاعلام في ممارسة دورها لنقل صورة الحياة الاجتماعية بكل همومها ومطالبها إلى صناع القرار. وذلك نتيجة الانعكاس التلقائي لبعد الجانب الديمقراطي والارتهان إلى هاجس الخوف. الأمر الذي وظَّف المهنة إلى المزايدات واستخدام سلاح التشكيك في الولاءات. مما جعل الإعلام العربي في كثير من وسائله وأماكنه هدفاً للتكسب والمصالح الذاتية على حساب الآخرين في مشهد ظالم لقضايا المجتمع وشهادات مزوّرة لتضليل صناع القرار. أو تلميع صورة الأداء بتجاوز الأخطاء.
لكن كيف تغيّر ذك المشهد بكل تفاصيله عند استقبال التقنية الالكترونية في الإعلام الحديث ؟.
لقد كانت ثورة عارمة تجاوزت كل سلسلة المحرمات. وبدلاً من أن يتسوّل شخص إلى وسيلة إعلامية سواء كانت مسموعة أو مرئية أو مقروءة كانت ترفض نقل صوته. فقد أصبح يمتلك قناة تلفزيونية من خلال اليوتيوب.
وأكثر من صحيفة من خلال الفيس بوك وتوتير وله مدونة وحسابات خاصة في عدد من المنافذ الإكترونية تحت مسميات وتطبيقات لا حدود لها . يبث من فضاءاتها كل ما يريد. وذلك لكسر الرقابة وتعويضه عن الحرمان والمصادرة. وهو ما فرض نوعاً من التحول في الإعلام العربي التقليدي وقبول الحكومات بشيء من حرية الطرح.
إلاّ أنه مازال بعيداً عن القدرة على حجم المنافسة. حتى وأن تحول الأخير إلى فضاء النقل الالكتروني في جانبه الصحفي . حتى ان هناك كتاباً يقومون بتحميل مقالاتهم على الانترنت عند رفض نشرها أو شطب بعض مفرداتها من قبل الصحيفة .
غير أنه لابد من الاعتراف بأن هذه الثورة في الإعلام الحديث خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي قد كشفت مخاطر كبرى على القيم والأخلاقيات العربية في نمط الممارسة العبثية لبعض المتعاملين مع هذه التقنية.
وبالتالي فإن العالم العربي بحاجة إلى ربيع ثقافي ينطلق من حملات ومنابر توعوية لضبط إيقاع استخدام الإعلام الجديد من منطلقات حضارية مدعومة برفع مستوى الإنسان نحو أدبيات التجربة بكل أبعادها ومحاورها.
وحتى تكون هناك مرتكزات ثقافية للأجيال القادمة في التعامل مع صناعة الكلمة وثقافة الحوار. فإنه لابد من التفريق بين دور هذه التقنية في اسقاط الحكومات.. وما يمكن أن تمثله من إسقاط للأخلاقيات
التصنيف: