العدالة.. \"ليست عمياء\"
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]ريم الحرمى [/COLOR][/ALIGN]
في الستينيات من القرن الماضي في أمريكا سنت وشرعت قوانين لوقف العنصرية بين السود والبيض مثل قانون التصويت الذي أقر عام 1965 والذي أنهى فصلا من العنصرية منذ استقلال أمريكا، ومن ثم توالت الأحداث الفارقة في تاريخ الأمريكيين من أصول أفريقية والشخصيات التي برزت للدفاع عن الحقوق المدنية وبالأخص حقوق السود والمساواة بينهم، ولعل أبرز هؤلاء هم مارتن لوثر كينج، مالكوم إكس، روزا باركس، ووليان إدوارد دي بوا، وغيرهم الكثير ممن ساهموا في الحراك الشعبي على مستوى أمريكا والولايات الجنوبية التي كانت تعاني من العنصرية بشكل أكبر من غيرها، وظهرت خلال تلك الفترة أي ما بين عام 1955- وحتى 1968 حركة الحريات المدنية للأمريكيين من أصول أفريقية، تلك الحركة التي ضمت مظاهرات سلمية وحراكا شعبيا من كافة أطياف المجتمع بالأخص المثقفين والمتعلمين، ساهمت هذه الحركة في سن قوانين تنهي الفصل العنصري في الكثير من القوانين الأمريكية فيما يتعلق بالتصويت وحق العمل والهجرة وغيرها من القضايا التي تخص المجتمع الأمريكي من أصول أفريقية.
لعل الطامة الكبرى كانت حينما أصدرت هيئة المحلفين المشرفة على هذه القضية والمكونة من ست نساء الحكم على جورج زيمرمان: \”غير مذنب\”، الأمر الذي جعل المئات والآلاف يخرجون للشوارع ووصلوا إلى الاشتباك مع الشرطة لأنهم لا يعتقدون أن جورج زيمرمان قد نال جزاءه، لكن هيئة المحلفين والمحكمة بينت أن هنالك فرقا بين العواطف وما ينص عليه القانون، فجورج زيمرمان لم تكن الأدلة الموجودة ترتقي إلى درجة أن تستخدم ضده ويتم إدانته، إلا أن الكثير لا يرون هذا الأمر وينظرون إلى القضية من جانب آخر، أي أن القضية رجعت بهم إلى تلك الفترة التي كانت فيها وتيرة العنف بين الشرطة واستخدامهم للقوة المفرطة ضد السود، مثل قضية رودني كينج عام 1991(تحدثت عنه في مقال سابق) الشاب الأسود الذي تم ضربه بعنف من قبل الشرطة الأمريكية ومن ثم تمت تبرئة الشرطة وحكم عليهم بأنهم غير مذنبين، اليوم في الولايات المتحدة يتذكر الكثير هذا الحادث ويرفع نفس الشعارات التي رفعت حينها من قبل المواطنين لعل أشهرها (إن لم تتحقق العدالة.. لن يتحقق السلام) فتحرك الشارع الأمريكي ساهم في إبراز القضية وجعلهم محط اهتمام على المستوى الإعلامي والشعبي، لكن يبدو أنه إلى اليوم لم يتغير شيء.الآن وبسبب الحراك الشعبي ضد ما رأوه أنه ظلم وبهتان سوف تصل القضية هذه إلى أكبر سلطة أي السلطة الفيدرالية حيث ينبغي أن تثبت المحكمة العليا أن هذه الجريمة تمت بدوافع عنصرية ليتم البت فيها مرة أخرى.
الخلاصة من هذا كله أن الحراك العام والمطالب الشعبية إن تمت بشكل سلمي ومطالبات شرعية، نالت مبتغاها حسب ما ينص عليه القانون، فقضية كهذه وغيرها باتت قضية رأي عام حركها أناس لديهم حق يدافعون عنه ولديهم منطق يرتكزون إليه، تضفي الشرعية على ما يقومون به، ولننظر حولنا في الوطن العربي لنرى حجم الممارسات العنصرية التي تحدث أولها بالطبع إسرائيل التي تمارس أنواع العنصرية على مواطنيها بسبب لونهم أو عرقهم مثل الإسرائيليين من أصول أفريقية، والإسرائيلين العرب. هذه هي المسؤولية الاجتماعية التي تملكها مجتمعات وتفتقدها مجتمعات أخرى.
التصنيف: