[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي العمودي[/COLOR][/ALIGN]

في إحدى ورش العمل، تطرق محاضر في الشؤون الأسرية لتأثير تبسم الإنسان في وجه الآخرين والمبادرة في إلقاء التحية والسلام عليهم. ووجد آراءً غريبة من بعض الحضور، وكان جلهم من الشباب الذين علق بعضهم بأنهم تربوا على قاعدة «الضحك بلا سبب قلة أدب»، وآخر باغته بشعار غريب عجيب أن «العبوس وجاهة والتجهم هيبة».ويستغرب المرء كيف تستقر مثل هذه المفاهيم لدى شرائح من الشباب والشابات وحتى المتقدمين في العمر من أفراد المجتمع، ترى الفرد منهم عابسا متجهما لدى مروره بالآخرين أو استقباله في مكتبه، بينما هو في حال من رغد العيش وتمام الصحة والعافية وفي موقع وظيفي رفيع. المحاضر اعتبر مثل هذه التصرفات نوعاً من البطر بالنعمة وعدم الشعور بالامتنان لتمتعه بها. وأورد مشاهد من مجتمعات تتسع فيها الفئات المحتاجة ومع هذا يغمرهم الشعور بالرضا.
ويلمس المرء التأثير الإيجابي للابتسامة والتحية الصباحية أو المسائية عندما يكون في زيارة خارجية لمهمة أو سياحة في أوروبا عندما تستقبله التحايا بمجرد دخوله المصعد والتقائه غرباء عنه وتتواصل أينما اتجه وحتى عودته. ويرحل مع تساؤلاته حول حرص هذه المجتمعات على تحية الآخرين والابتسام في وجوههم، مع أن ديننا يحض على إفشاء السلام، ونبينا عليه أفضل الصلاة والسلام يقول «تبسمك في وجه أخيك صدقة».
التأثير الإيجابي للابتسامة، كان محل متابعة ودراسة من قبل بلدين مهمين سياحيا، أحدهما فرنسا التي لاحظت عند إعداد استبيان حول السياح الذين يريدون زيارتها مرة أخرى، عزوف شريحة منهم عن معاودة الكرّة، ولدى سؤالهم عن الأسباب، كان في مقدمتها فظاظة العاملين في المرافق والمنشآت السياحية وعبوسهم في وجه إنسان وفد إليهم من بلاده ويدفع مقابل زيارة بلادهم والتعرف إلى ثقافتها ومعالمها. والأمر ذاته قامت به سلطات هونج كونج عندما لاحظت تراجعا في أعداد السياح القادمين اليها، فكلفت شركة مختصة لإجراء دراسة وجدت أن من الأسباب غياب روح الترحيب والابتسام عند العاملين في قطاع السياحة، وكذلك الأسلوب الفظ الذي كان يتعامل به سائقو سيارات الأجرة في تلك الجزيرة ( هونج جونج )التي تعد من أهم مراكز المال والأعمال في القارة الآسيوية.حتى فيتنام التي تحاول مجاراة الصين في الأسلوب والنهج الاقتصادي، قامت مؤخرا بتنظيم دورات لرجال شرطة المرور لتدريبهم على حسن معاملة المخالفين وتسلميهم المخالفة مع ابتسامة ورجاء بعدم تكرار الأمر، والاعتذار لهم عند ارتكاب خطأ ما.
الابتسامة مفتاح الطاقة الإيجابية التي يساهم انتشارها بين أفراد المجتمع للعمل بجدية وروح معنوية عالية من أجل صالح المجتمع، بينما تؤكد الدراسات أن التجهم والعبوس من مقدمات الشعور بالإحباط والاكتئاب. ومن هنا كان اهتمام المعنيين بقضايا المجتمع بالطاقة الإيجابية، والنظرة المتفائلة للأمور، وطرد المشاعر السلبية التي تتضخم فيها الذات، وتنظر للآخرين دائما بسلبية وتجاهل، مما يزيد من عزلة وانغلاق صاحبها، بينما ابتسامة بسيطة يمكن أن تخترق الحاجز النفسي مع الآخرين، وتكون مدخلا لبناء جسور جديدة من الثقة والتعاون والعمل معا بتفاؤل يولد إرادة مشتركة على تحقيق النجاح.
*كاتب اماراتي

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *