كنت أقرأ في إحدى المطبوعات عن دراسة صدرت جاء فيها أن الإنسان الذي تجده في قلق دائم هو إنسان ذكي ذكاء خارقاً. وقد تذكرت خلال المرحلة الجامعية عندما مرت أمامي ومعي مجموعة من الصديقات إحدى زميلاتنا، فوصفت بأنها قلقة ودائمة التوتر.
في تلك المرحلة اعتبرنا أن هذا صفة نقص وعيب فيها، لكن بحق كانت حالتها النفسية تنم عن حالتها العقلية المتوهجة بالذكاء، وأيضاً الطيبة البالغة، فقد كانت تبادر دوماً لمد يد العون والمساعدة لأي واحدة منا عندما نجد أي صعوبة في المواد الجامعية.
أعود للدراسة العلمية التي أرجعت القلق والتفكير بطريقة مجهدة لسبب جوهري، وهو نشاط عالٍ في الجزء الأمامي من الدماغ، وهذه المنطقة هي المسؤولة عن القلق، لذا استنتجت الدراسة أن المصابين بالتوتر العالي هم عرضة للقلق، وهم أيضاً أصحاب عقول متميزة ومتوثبة.
ساقت الدراسة أمثلة لفنانين وعلماء كانوا يعانون من حالات من القلق، مثل إسحق نيوتن، وفان جوخ، وتشارلز داروين، وغيرهم، فهؤلاء لم يعيشوا حياة سعيدة، لكنهم تركوا أثراً بالغاً على البشرية.
في هذا السياق، يقول المغني الشهير جون لينون، والذي اغتيل في بداية الثمانينات، وتم تكريمه بتسمية إحدى حدائق نيويورك باسم حدائق الفراولة وهو اسم لإحدى أشهر أغانيه، «العبقرية تكمن في الألم». وبحق فإنني أجد أن هذه المقولة تنم عن الحقيقة المطلقة لواقع العباقرة في العالم بأسره، والذين في العادة يساء فهمهم، ويتم تجنبهم، فتزداد وحدتهم وتكثر آلامهم، ولكنهم يضمرون الخير، ويقدمونه للبشرية بهدوء وطيبة.
بقي أن أبلغكم أن تلك الصديقة في مرحلة الجامعة التي وصفناها بأنها قلقة، أنهت تعليمها الجامعي بتفوق، بل الأولى، وهي اليوم تخدم الوطن بحرفية ومهارة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *