الطلاق ….الفايروس القاتل (الجزء الثاني)

• البتول جمال التركي

البتول جمال تركي

إنَّ أقرب تشبيه تصويري لحالة الطلاق مثل وقوع زلزال فإنه يغيّر معالم الأرض التي يحدث فيها ويحولها إلى طبيعة أخرى وقد يحدث تحت الأرض فجوة تبقى خطراً وأيضا كما يقال : لكلّ زلزال توابع وللطلاق أيضاً توابع .

وسوف نستعرض في هذا المقال التوابع والآثار المنعكسة على الزوج والزوجة بعد الطلاق .

كلمة الطلاق بالنسبة للمرأة لها وجهين وتتعلق بسايكولوجيا المرأة وتركيبتها النفسية والتي غالباً لايفهمها الرجل والوجه الأول :تكون كلمة الطلاق بمثابة (طلقة مسدس) تتلقاها المرأة والوجه الثاني : أن يكون الطلاق هو بالنسبة لها استعادة لحريتها وحياتها الطبيعية بعد سقوط في مستنقع لم تجد منه إلا المعاناة والأسى والظلم والتجبر والاستعلاء والإهمال ، رغم أنها تقدم خدمات جليلة وبدون إجازات ،فيكون الطلاق لها حياة جديدة وخروج من سجن الولاية المستبدة والظالمة .

وأما الصنف الأول ممن يقع عليهن الطلاق ،وهن تحت الثلاثين من العمر وهؤلاء يكن مابعد الطلاق أسوأ مما قبله مهما كان سيئاً فنظرة المجتمع للمطلقة مثل نظرتهم لقاتل أو مجرم (أصحاب السوابق) فهي (مطلقة) أي لديها سابقة ودون تقييم عادل لوضعها يتحاشاها المجتمع لكونها مطلقة وحتى النساء يخافون منها ويخشين أن تسرق أزواجهن فتعيش في عزلة اجتماعية رهيبة ،

وحتى لو توفقت وحصلت على زوج ثانِ فسوف تكون مواصفات المتقدم لها أقل بكثير مما تتوقع لأن نظرة المجتمع لها للمطلقة (درجة ثانية) ويكون حالها أسوأ لو كان لديها أطفال من الزواج الأول فهي بين نارين إن تزوجت ثانية وآلياً سوف تنزع منها الحضانة وإن حصل استثناء وقبلت جميع الأطراف بترك أطفالها معها فسوف ينظر الزوج الجديد لأولاد زوجها الأول بعين عدم المسؤولية أو بنظرات أخرى مؤلمة وكل ذلك تتحمله المرأة حتى لايقال عنها طُلقّت للمرة الثانية وتكون في صراع وتشتت فكري لو نُزع منها أطفالها فسوف يكون قلبها وفكرها مع أولادها وغالباً ماتفشل في حياتها الجديدة ، لأنّ طبيعة المرأة أن تهتم بأولاها وهم معها بنفس البيت فكيف إن ابتعدوا عنها؟.

فتزداد أمور حياتها تعقيداً وتعاسة وتشابكاً وتكثر المتناقضات في تصرفاتها ويصبح الإكتئاب ذلك المرض النفسي الخطير هو أحد أصدقائها المقربين .

وأما الصنف الثاني وهم الأكبر سناً في الأربعين ومافوق فتكون قد استنفذت جميع وسائل التمسك والحفاظ على استقرار بيتها ولكن وجدت بأنّ الحالة ميئوس منها وهناك عشرات الأسباب لامجال لذكرها وهي من الواقع وليست قصصا ، فيكون الطلاق بالنسبة لهذا الصنف (حياة جديدة) أو عودة للحياة الطبيعية وخرجت من قيد وسجن يسمى (وهماً ) عقد زواج .

وأما الرجل (المطلق) فهو لايقل عن المرأة في الثقافة العامة لمجتمعنا ولكن يبقى وضعه أخفّ وطأة من المرأة نفسياً واجتماعياً وخاصة في مجتمعنا الذكوري بشكل عام لأن الرجل يسيطر عقله على عاطفته بعكس تركيبة الأنثى .

فالرجل المطلق تقع عليه تبعات الطلاق من كل جانب فهو ملزم بمؤخر الصداق ونفقة العدة ونفقة الحضانة هذا من جانب ومن جانب آخر لابدّ وأن يتزوج مرة أخرى فإن كان أولاده معه فتلك مشكلة كبرى مع زوجة أبيهم وتبدأ المشاكل الحقيقية عند الرجل فزوجة الأم ليست الأم فهي تراقب كل شاردة وواردة في تصرفات أولاده ولاتغفر لهم الهمسة فكيف بالكلمة على عكس أمهم التي تتغاضى عن أخطاء أبنائها ، فتنعكس هذه الشكوى بشكل دائم ومتكرر للزوج عن أخطاء أبنائه التي لاتطاق ، فيكون خلاصة هذا كله على أبيهم المسؤول عنهم فتصبح حياته أنكد مما كان عليه فيترحم على حياته السابقة وعلى كل مامر به من هدوء فقده في طلبات تافهه كان من الممكن تجاوزها وتسقر في بيته الجديد عواصف النكد التي لا تنقطع .

وكما نعلم بأن الطلاق بيد الرجل وهو الذي يمسك بزمام الأمور وغالباً مايكون الطلاق بغياب العقل والقلب وأيضاً الرجل معرض للعزلة والاكتئاب لأن التغيير في استقرار البيت وهدم جدرانه ليس سهلاً على الرجل كما هو على المرأة ولكن طالما كان القرار بيده قولاً وفعلاً .

وقد يدفعه اليأس ومرض الاكتئاب إلى ارتكاب الجرائم أو تراكم الديون لعدم تحمله لضغوطات الحياة وقد يفشل في عمله لأنه مشتت الفكر وفاقد للتركيز ومنطوي على مشاكله المتشعبة والمركبة هموم وآلام نفسية كثيرة ومتعددة وهذه باختصار بعض توابع الطلاق على الرجل والمرأة .

وإن شاء الله الجزء الثالث يكون عن آثار الطلاق على الأبناء ، والرابع : ماهي الحلول المتاحة

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *