الطفل والمسئولية الأخلاقية
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد حامد الجحدلي [/COLOR][/ALIGN]
لاشيء يبقى بكامل وظائفه الحيوية متفاعلا مع من حوله أكثر من غرسك لبنة من لبنات الجيل الذي يمكنك رعايته والمحافظة عليه وليس أغلى على ثرى الوطن الطاهر من هذه الغرسات اليانعة تمنحها الحياة وتوفر لها أقصى ماتمتلكه لتضمن لها الاستمرار بطريقة تُمَكِّنَهَا من الوقوف بثبات أمام صعوبات عديدة وتقاليد بالية استنفذت معظم سنن التغيير والتطوير ولم تَعد قادرة على مجاراة زمن يبدو إنه تجاوز واقعها بمراحل عديدة وتلك مشكلة يستحيل الخوض في تفاصيلها بحثا عن حلول جذرية مهما كان تواضعها حتى وإن كانت وقتية بعد أن استحوذت على كل الاهتمامات لتبقى أنت المَعْنِي بهذه الحلول تحت ضغط الرأي العام ومطالبة مجتمعك للخروج من عنق الزجاجة بحثا عن مواجهة تُكْسِبْهَا شيئا من الثقة بالنفس وإنه لابد أن تبتسم لك تباشير صباح فجر جديد وثقافة مختلفة لحاضر الجيل وسواده الأعظم ممن هم في سنوات الطفولة الغَضَّة كوردة جميلة تُوشك أن تتفتح ولابد لها من عناية فائقة ورعاية خاصة قبل أن تمتد لها يد العبث ممن لم يُحسن التعامل مع جمال المرحلة العُمرية للطفل وما يترتب عليها من مسؤولية أخلاقية اتجاه المجتمع والمناخ الثقافي المحيط بهذه الشريحة الفذة.
ففي دول قطعت شوطا كبيرا من المَدَنِيَّة والحضارة وأسست أساليب حياة تُلَبِّي احتياجات هذه المرحلة بكل مؤثراتها الايجابية نحو الانفتاح المعتدل تضمن حقوق الطفولة وتتناسب مع قيم المجتمعات يعرفها المهتمون بالدراسات البحثية المتخصصة ولديهم رصد لمستقبل ثقافة الطفل وفي محيطنا الاجتماعي أتفق أننا لم نُهمل هذه الجوانب باعتبارها جزءً من ثقافتنا التربوية قدَّمت مخرجات تميزت بالمصداقية رغم بساطتها وللشفافية فقد تلاشت هذه المنجزات لأسباب واضحة للمهتمين بالشأن التربوي والثقافي بعد أن هيمن الفضاء على تفكير الطفل وأصبح أسيرا لساعات البث المباشر على مدى أربع وعشرين ساعة دون توقف ليس على نطاق مجتمعنا العربي كفئة مستهدفة وإنما شملت هذه الهجمة الفضائية بغثها وثمينها كافة شعوب العالم وإن رجََحَت كِفَّة الغث ووجدت لدى المتلقي \” الطفل العربي \” بما لديه من فراغ يحتاج لتعويضه ولم يجد أمامه من بدائل سوى الفضاء وهو ما يعني أن هناك قصورا وإهمالا من قبل الأسرة العربية وتواضعا في الخطاب الثقافي المتداول في الوسط الاجتماعي وهو ما أعطى صورة ضبابية لواقع الجيل العربي انعكست على حياته العامة والخاصة وأثرت على سلوكياته الحياتية وإنتاجه اليومي وأصبح الخلل واضحا يصعب في المستقبل القريب علاجه.
وهذا لا يعني أننا وصلنا لدرجة اليأس فهناك مناشط ومؤتمرات تقام بين حين وآخر وأن كانت في غالبها محدودية الفائدة لانفرادها بمخاطبة الأسر المخملية لديها استعدادات مسبقة وبرامج خاصة لتوظيف قدرات أطفالها عطفا على ثقافات مكتسبة من مجتمعات تمتلك أدوات ثقافة الطفل بينما طفلنا العربي بقاعدته العريضة بات مُعتمدا على فتات الخبز والقليل مما يروي عطشه في انتظار بارقة أمل جديدة.
mad@ hotmail.cm 7 Mu
التصنيف: