الطريق الإسرائيلي الثالث

Avatar

ثائر أبو لبدة

من لا يريد السلام، إذنْ فعليه أن يختار الحرب. هذا الفخُ الذي كنا نسقط فيه دائماً في مسيرة تعاملنا مع إسرائيل. فنحن لم نخترْ الحرب ولو مرةً واحدة، وأيضاً لم نجدْ طوال هذه المسيرة من يجلس معنا جاداً ومستعداً لنحقق السلامْ. وكنّا في كل حربٍ تشنها
إسرائيل على الشعب الفلسطيني الأعزل نتحمل مسؤولية الخيار الذي لم نأخذه، تضع إسرائيل كل العراقيل أمام السلام المنشود والتسوية السياسية النهائية، وتُظهر الفلسطينيين بمظهر الرافض للسلام والمتعطش للحرب، التي خططت لها مسبقاً.
إنّ خيار الحرب مكلف، ولا بد أنْ يسبب المزيد من الخسائر المؤلمة، بل قد يكون في بعض الأحيان خياراً ساذجاً لا يغني ولا يسمن، أنّه لم يعد الخيار الأمثل بالنسبة لإسرائيل، إذنْ، فهل نقترب من دائرة السلام؟ طالما أن هناك عزوفاً إسرائيلياً عن خيار الحرب؟!، إننا نقع في الفخ مرة أخرى، فالقاموس الإسرائيلي يختلف تماماً عن القاموس العربي، فالأخير لا يعرف إلا السلام أو الحرب، أما القاموس الإسرائيلي فهو أغنى من ذلك بكثير، وتعريف الشيء فيه ليس بالضرورة أن يكون نقيضه.
لا سلام ولا حرب، إذنْ ماذا؟، إسرائيل تختار طريقها الثالث (الاستيطان)، أما الجانب الفلسطيني فيعود للحلقة المفرغة التي تـزجه فيها إسرائيل دوماً، يمضي الوقت وإسرائيل تمضي في خيارها قدماً. عبثاً نتحدث عن السلام، فالسلام هو سر الله وحده، وشركاؤنا )أعداؤنا( ماضون في حربهم الضروس، يلتهمون الأرض قضمة قضمة، ويعبدّون طريقاً لهم وحدهم، لمكانٍ ليس فيه مكانٌ لأصحاب المكان. أما دولتنا فلم تتخطى حدود حلمنا المحاصر، لأن الأرض لا تخضع إلا لمن يرسم واقعها الجديد.
إنّ الطريق هو الطريقة، لا جدال حول فهم إسرائيل الكامل لهذا الأمر، وطريق إسرائيل من أرضنا إلى أرضنا (دولتنا) هو طريقتها، نحن لا نتحدث عن حيفا ويافا أو صفد، إننا نتحدث عن الأراضي المقترنة بالعام سبعةٍ وستين، وهي الأراضي التي من حقنا أن نقيم دولتنا عليها باعتراف أممي. لقد أصبح الحديث عن فكرة الدولة مملاً، لأن الفكرةَ ما زالت فكرة، وستبقى كذلك طالما أن هناك مستوطنون لا يعرفون عن هذه الأرض شيئاً سوى أنّها أرض إسرائيل، ولا يعرفون عن السلام سوى السلام مع النفس وقد يجهلونه في أحيان كثيرة.
لم يعد بالإمكان التمسك بالسلام أو الحديث عن وقف الإستيطان، لأن الاستيطان لم يبق لنا ما نحقق سلاماً من أجله، ولكي نكون صادقين مع أنفسنا، فدولتنا لم تعد تلك الدولة التي ستقام على جزء شحيحٍ من الوطن، جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل، بل أصبحت دولة المستوطنين والمستوطنات.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *