الطب منافع ومضار
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالرحمن السويدي[/COLOR][/ALIGN]
لاحظ الممارسون في الحقل الطبي أن الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية كانت له نتائج عكسية على المدى البعيد حيث تبين ان الفيروسات والجراثيم والبكتيريا قد طورت مناعتها الذاتية للأدوية المستخدمة لمكافحتها لكونها مخلوقات حية وبالتالي لديها جهاز مناعي قادر على التعرف على السموم وإبطال مفعولها مما قلل ذلك من منافع الأدوية وجعلها عديمة الفائدة في بعض الاحيان، وللتخفيف من أثر هذه الظاهرة تم تقنين استخدام المضادات الحيوية لاتاحة الفرصة للأجسام كي تنتج مناعاتها الذاتية التي تعجز الفيروسات عن مقاومتها وللتخفيف من مناعة الأجيال الجديدة من الأوبئة في حال اللجوء الى ذات الأدوية لعلاج الحالات المستعصية، وبالمثل نجد ان الأدوية على وجه العموم لها من الإيجابيات عند استخدامها بقدر ما لها من السلبيات التي ما ظهر منها ويمكن الشعور به ومنها ما بطن وهي متفاوتة في أثرها بين صنف وآخر ، وكنتيجة للأعراض غير المستحبة التي عادة ما تصاحب استخدام الأدوية وتتسبب في بعض الإزعاج لدى المرضى وما قد ينتج عنهم من ردود فعل أو استهجان نظرا لمعاناتهم صحيا ونفسيا عمد بعض الاطباء منذ زمن طويل الى تفادي هذه المشكلة والذود بأنفسهم عن طريق تطبيق سياسة تحييد الضمير وممارسة سلوك المشي في الظل من خلال اللجوء الى وصف المسكنات والمهدئات لمرضاهم بهدف التخفيف من حدّة انزعاجهم وليس من اجل علاجهم متجنبين بذلك وضع الخطط العلاجية وصرف الأدوية المناسبة بما لها من إيجابيات وسلبيات بالإضافة الى النأي بأنفسهم عن تذمر المرضى أو المساءلة .
وهذا سلوك زائف في جوهره وشديد الخطورة على الصحة المجتمعية لكونه مستترا عن أعين القانون كما أنه يخلو بطبيعته من الشكاوى لسبب ان المريض يبني قراره قياسا بدرجة معاناته وهذا تحديدا ما تقوم المهدئات على فعله وبالتالي تتفاقم مشاكله وتزداد تعقيدا دون ان يشعر بخطورتها الى ان تطال أعضاء جديدة او أنها تعطل العضو المصاب ويصبح علاجه عالي الكلفة والتعقيد وقد تؤدي هذه الممارسة الى وفاته، إن تفشي ظاهرة الضمير الميت بين «بعض» الأطباء خاصة في القطاع العام نتج عنها سلوك اجتماعي متواز يتلخص في قيام المرضى باستشارة اقاربهم ومعارفهم عن تجاربهم الشخصية لمثل حالاتهم وتحديد كيفية علاجها قبل ذهابهم الى الطبيب، كما ان البعض لجأ الى القراءة والبحث ليصف الدواء لنفسه مقتصرا زيارته للطبيب على الاستشارة عن الدواء وليس من أجل التشخيص وهذا مؤشر ينم عن ضعف الثقة المجتمعية في جهاز خدمي هام إما لبسبب إحساسهم بالقصور في الكفاءة المهنية للممارسين او الإحساس بعدم الاكتراث وتبلد الضمير او الاثنين معا.
أما عن الأسباب التي أدت الى انتشار هذه الظاهرة عند بعض الممارسين فيأتي على رأسها وجود عجز في مرجعية الإجراءات الإدارية والمهنية والذي نتج عنه قصور مصاحب في الإجراءات القانونية والمتمثل في عدم توثيق حالة المريض قبل معاينة من الطبيب وهذا القصور الجوهري في الإجراء عطل بدوره مهمة التحقق من جودة التشخيص في حال تلقي أي شكوى للتمكن من معاينة التطبيقات المهنية التي التزم بها الطبيب عند معاينته للمريض وبرنامجه العلاجي عوضا عن الاكتفاء بما دونه الطبيب « سراً « في ملف المريض عن انطباعه الشخصي والذي قلما يتفق ووصف المريض لحالته ، ومن الأمثلة على ذلك ان قام احد المرضى بعرض نفسه على الطبيب وهو يعلم مسبقا بتضخم غدَّته إلا ان الطبيب شخص الانتفاخ على أنه دمّل ثم صرف له مضادا حيويا بالرغم من اعتراضه .
ولو افترضنا ان المريض قدم تظلما لإدارة المستشفى عن هذا التهميش المقصود في التشخيص والعلاج فلن يكون في سجله الصحي ما يعزز حقيقة شكواه وشرعيتها عدا ما أقدم الطبيب على تدوينه بعيدا عن إدراك المريض، وبالتالي فإن مثل هذا القصور الإجرائي جعل في بعض الأحيان وعن غير قصد من إجازة الطب تصريحا يخول حامله القتل غير العمد الناتج عن الإهمال بعيداً عن طائلة القانون .
التصنيف: