الصعب الممكن والشرط المطلوب
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]ناصر الشهري[/COLOR][/ALIGN]
قلت لمحدثي ونحن نتطرق إلى كثير من هموم الإنسان العربي: لماذا لا تعمل الدول العربية على نقل التكنولوجيا إلى عالمنا؟ أي بمعنى: لماذا لا تكون الدول العربية دولاً صناعية منتجة وليست دولاً مستوردة؟ فنحن كدول عربية نستطيع أن نحقق هذا الحلم الذي قد يراه البعض أمرًا مستحيلاً.
فلو قمنا بإنشاء جهاز اقتصادي متكامل بعناصر عربية مشتركة على هيئة الجامعة العربية، ومن ثم يتم تمويل هذا الجهاز أو هذه المؤسسة الاقتصادية بحصص مشتركة. وعملنا على إنشاء التجهيزات الأساسية للصناعات المشتركة واستقطاب الخبرات على أن يتم تدريب وتأهيل القدرات العربية للقيام بالدور مستقبلاً، وفي الوقت نفسه إيجاد المواد الخام سواء بالتنقيب أو التجميع أو حتى شراء بعضها.. فلو عملنا على إنشاء هذا المشروع الصناعي العربي فإننا بالتأكيد سنكون دولاً صناعية تكفي احتياجاتها، وبالتالي سنكون مصدرين ومنافسين للدول الصناعية بدون شك.
قال محدثي: أنت تحلم بالمستحيل. قلت: ان هذا ما اخشاه من الاجابة، لماذا نشك في قدراتنا؟ ان هذا الحلم المستحيل في اعتقادنا معناه التأكيد لغيرنا بأننا سنظل نراوح في أماكننا مهما بلغنا من الوعي، ومعناه ايضا احباط لما نريد ان نكون عليه كأمة عربية تريد ان تتحرر من قيود الدول الصناعية.
والا فلماذا اتفق اعضاء الدول الصناعية على انشاء السوق الاوروبية المشتركة التي تحولت إلى الاتحاد الأوروبي في صورته الحالية؟
قال: كيف؟
قلت: ان الفرق فقط بيننا كعرب وبينهم كأوروبيين انهم اتفقوا ويتفقون بينما العرب يعانون من الخلافات التي من خلالها يصعب الاتفاق في كثير من الامور.. واذا ادركنا ان هذه الخلافات العربية قد عرقلت الكثير من المشاريع العربية فإن هذا أيضا كان ولايزال من ضمن الإحباطات التي تواجه قدرات هذه الامة والوقوف أمام تحقيق آمال الانسان العربي ومغايرة الواقع الصناعي الاوروبي والعقلية البشرية الاوروبية التي تنتج هذه الصناعات.
وبقيت المنافسة محدودة لا تشكل إلا الشيء البسيط في الدول العربية من مجموع مشترواتها، لكن لكي نحقق طموحاتنا الصناعية والاقتصادية بشكل عام ويصبح لنا قواعد صناعية مشتركة تكفي احتياجاتنا بل ونستثمر صادراتها فإن الركيزة الاولى لتحقيق ذلك هي ان نتفق على المبدأ وان يدرك العرب مصالحهم لما يخدم الارض والانسان على حد سواء بعيدا عن المؤثرات التي يغرسها الحاقدون على هذه الامة في طريق اية انجازات عربية، ذلك لأن الاتفاق السياسي معناه ايجاد أرض خصبة للاتفاق الاقتصادي.. ومعنى تحقيق الاثنين خطر يهدد المد والنفوذ وكل المكاسب والاطماع التي يريد الغير تحقيقها في الوطن العربي، وهذا هو التحدي بعينه.
ويبرز هنا السؤال: كيف نواجه ذلك؟
فيأتي الجواب الذي لا يختلف عليه اثنان وهو ان يتفق العرب على ان يتفقوا .. نعم يتفقون ومن ثم سيتم حل كل القضايا العربية.. وتحقيق كل الآمال العربية.. فقط عليهم أن يتفقوا.
التصنيف: