إن أشد العقبات شراسة في طريق المرء نحو التغيير للأفضل ؛ هي تلك الأمور الصغيرة المعتادة في حياة كل شخص منا ، تلك التي لا نراها ولا نشعر بها ، فقط تجثم بسكون وهدوء على كل مداركنا وأحلامنا ورغبة التطلع لدينا، تماماً كالسيجارة التي يجد صاحبها صعوبة في مفارقتها ، لأنه من داخله لا يتصور نفسه بتلك الجرأة والجسارة التي تؤهله لقطع علاقته معها ،

فيبقى أسيراً لهبابها الذي ينهكه مع الأيام ، لكنه ما أن يتمكن من تخطي هذا الأسر حتى يدرك أن الحياة بدونها أجمل بكثير مما كان عليه إبان رفقتها ، كذلك بقية عادتنا السمجة ..لن يكون من السهل علينا التخلص منها مالم نصدق بأن حالنا سيكون أفضل من دونها ، ومالم يصادق على هذا التصديق إرادة صلبة نتعكز عليها لتجاوز هذه العادات وتلك القيود الصغيرة .

تقول أحلام مستغانمي : “الطريقة الصحيحة لفهم العالم هي في التمرد على موقعنا الصغير فيه ، والجرأة على تغيير مكاننا وتغيير وضعيتنا” .

نعم .. فإذا ما أردنا استشعار جمال أنوار المدينة في المساء فلا أقل من نجرب رؤيتها من فوق أعلى ناطحة السحاب فيها ، وإذا ما أردنا التلذذ بحياة خالية من سيجارة نتنة فلا مناص من تجربة الحياة بعد التخلص منها ، باختصار ..

ليس بالإمكان استشعار طعم الانطلاق والتحرر من عادة أو روتين أو وضعية معينة من دون تجربة التمرد عليها ، حياتك ملل ؟؟ إذن لتتمرد على الروتين الذين يملأها ، حياتك فقر ؟؟ تمرد على أسبابه ، ليس مهماً بلوغ الهدف لذاته ، المهم أن تثبت لنفسك أنك قادر على التحرك ، وأنك لم تدخر جهداً إزاء قيودك وظروفك ، صدقني ..

ستحل تجاربك وأفعالك وذكريات فشلك قبل نجاحك محل الملل والرتابة ، ستمتلئ حياتك بالحيوية والقصص والسعادة بعد كل تجربة بغض النظر عن نتائجها المادية عليك ، وهذا هو مكمن السر ، فالذين يفعلون ليسوا كمن لا يفعلون ، لأن النشاط أبداً لم يكن كالخمول ،

هناك فرق ، والأكثر غرابة أن لذة الحياة تستوطن ذلك الفرق !! حيث يكمن السعي الدؤوب للخروج من قوالب العادات والاعتيادات ودوامة الرتابة ، لا يدرك ذلك سوى أولئك الذين يعيشون حياتهم قدر جهدهم في رحاب المحاولات قبل أن تذبل مشاعرهم ، يسابقون أعمارهم قبل أن تضيع من قلوبهم حساسية الشغف والدهشة والمفاجأة .

Abha/Tanouma61899 /P.O:198
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *