الشخصيات السورية المعارضة

Avatar

د. عبد الله دياب
بعد ثمانية أشهر من إطلاق الفوضى وسيلان الدماء السورية وبعد صدور قرار جامعة الدول العربية بتعليق عضوية سورية بالجامعة يبقى الوضع السوري غامضاً مع معوقات حسمه سواء من قبل النظام ام من قبل المعارضة وليبقى الشعب السوري أسير هذا الغموض وضحيته.
مآخذ المعارضة على النظام باتت معروفة ومنشورة لغاية تضاربها مع تعدد المعارضات والتباسها ولكن ماذا عن هذه المعارضات التي زجت الشعب السوري في ثورة إفتراضية دون ان تتفق فيما بينها حتى على الحدود الدنيا. فاذا ما ازحنا النظام ومؤسساته من الواجهة وتركنا مقادير البلد لحكم هذه المعارضات فماذا ستكون النتيجة غير صراع بين هذه المعارضات يقود الى حرب أهلية سورية؟!.هذه النتيجة التي تجد احد مؤشراتها في حادثة اعتداء معارضين سوريين على رموز معارضين آخرين أمام مقر الجامعة العربية في القاهرة في ذلك الأربعاء 9/11/2011. وقد ظنّ البعض أنّ تأطير المعارضين في تنظيمين كبيرين، أي «المجلس الوطني السوري» و«هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديموقراطي»، قد يسهم في إقامة حوار جدّي بينهما بعيداً عن التخوين المتبادل وحفلة الشتائم التي لا تنتهي. غير أنّ الواقع حمل العكس، إذ لم يسهم تأسيس «المجلس الوطني» و«هيئة التنسيق» إلا في تعميق الخلافات المتبادلة بين المعارضين بدلاً من حلّها. حتى إنّ تأسيس «المجلس» و«الهيئة» ولّد مشاكل شخصية وسياسية جديدة بين أعضاء التنظيم الواحد، بدليل الانشقاقات والانسحابات والخلافات المستجدة، العلنية منها والبعيدة عن الأضواء، بين صفوف كل من «المجلس» و«الهيئة»، كلّ على حدة.
وهنا يبرز السؤال حول فعالية الجهود الداعمة لهذه المعارضات ومعه السؤال حول الاستعداد التركي للتحرك العسكري الداعم للمعارضة في مساعيها لاسقاط النظام.
باءت محاولات توحيد المعارضات السورية جميعها بالفشل. مع اعتراف الجميع تقريباً بأنّ المشاكل تبدأ بالحيّز الشخصي بين الشخصيات المعارضة، ولا تنتهي عند اختلافهم على العناوين السياسية العريضة للتغيير وكيفية حصوله ومعالم المرحلة المقبلة… مع التوقف طويلاً عند رصيد كل معارِض في مناهضة أو مهادنة نظام البعث، وكشف «ملفات» عن ارتباط الخصوم المعارضين بجهات خارجية أو بأطراف محسوبة مباشرة على النظام، أو بتكرار روايات عن فضائح فساد، هذا أخلاقياً ومالياً، وعمالة ذاك، ووعد بأن يتولى فلان منصباً حكومياً قريباً…
لكن متابعون يرون أن كل هذا الكلام أصبح بلا مفعول منذ صدور القرار العربي بـ«توحيد المعارضة السورية» تمهيداً للاعتراف بها ممثلةً للشعب السوري، وهو ما صدر عن وزراء الخارجية العرب بصيغة «دعوة جميع أطراف المعارضة السورية إلى الاجتماع في مقر الجامعة العربية خلال ثلاثة أيام، للاتفاق على رؤية موحَّدة للمرحلة الانتقالية المقبلة في سوريا، على أن ينظر المجلس في نتائج أعمال هذا الاجتماع ويقرّر ما يراه مناسباً بشأن الاعتراف بالمعارضة السورية.
ويرى المحلل السياسي التركي سميح إديز أن خيار إنشاء تركيا لمنطقة عازلة داخل سوريا، ليس “عمليا”، مستبعدا في الوقت نفسه مشاركة تركيا في أي عمل عسكري ضد سوريا (إلا إن هوجمت) لأنه ضد مصلحتها، وما تريده ليس إسقاط نظام الأسد، بل احتواء أزمة تخشى انتقالها إلى أراضيها خاصة أن للبلدين حدودا طولها 800 كلم.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *