في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي قام شاب هاوٍ للتجارب الكيميائية بعمل بعض التجارب على قطران الفحم في منزله ، لاحظ ترسب مادة سوداء في قعر دورق التجربة ، فقام بغسلها مستخدماً مادة كحولية فتحولت إلى صبغة أرجوانية ، أعجبته ؛ فصبغ بها قطعة قماش بيضاء ، ثم اختبر ثباتها بغسلها عدة مرات ، فانبهر بثباتها ،

أرسل عينة إلى إحدى أشهر المصابغ في أوروبا لمعرفة رأيهم بها ، فأتاه الرد أن صبغته مذهلة وأنهم على استعداد لشراء كل ما لديه منها ، عندها أيقن أنه أمام منعطف جديد في عالم صناعة النسيج سيغير خطط الإنتاج إلي الأبد ، لكنه لن يستطيع الاستفادة من نتائج تجاربه هذه إلا إذا حصل على براءة اختراع لها ، عرض الأمر على أستاذه ( أيه في هوفمان ) ،

لكن الأخير فاجأه بالنهر وعدم التشجيع ، وقال له كما يقول بعض المعلمين لطلابهم اليوم ” ركز في دروسك واترك عنك هذا العبث ” ، أُسقط في يده ، وكاد أن يصرف النظر كلياً عن الفكرة لولا والده الذي ساعده على تسجيل براءة اختراع لصبغته تلك ، ثم بنى له مصنعاً للإنتاج باسمه ،

ولم يمض أكثر من ست سنوات على بداية الإنتاج إلا وقد أصبح هذا الشاب من أغنى أغنياء أوروبا ، ليس هذا وحسب ؛ بل حصد العديد من الجوائز والتكريمات ؛ منها عضوية الجمعية الملكية وميدالية لافوازييه وغيرها ، حتى ميدالية أستاذه السير (أيه في هوفمان ) حصل عليها ، هذا الشاب هو ( ويليام بيركن ) أول مخترع للأصباغ الكيميائية في الدنيا.

خلاصة القصة .. ليست كل النصائح في محلها ، وليس كل من نستشيرهم يستطيعون تلمس أفكارنا بذات الوضوح في مخيلاتنا ، فحينما تؤمن بفكرة ما ؛ أو خطوة ما ، أو موهبة ما ، فثق تماماً أن هذا الإيمان لا يشعر به أحد سواك ، أنت الوحيد من يترنح تحت وطأة إلحاحها ،

وأنت الوحيد من يرى وهجها ويشعر بدفئها وقربها ، ومهما بلغ من تستعين به من العلم والحكمة في تقدير فكرتك أو خطوتك أو موهبتك فلن يكون أقرب منك أنت إليها ، ذات مرة دخل شاب مبتدئ في إحدى الفنون على عبقري في هذا الفن ليستشيره في أول أعماله ، فقال له العبقري عملك رديء وسيئ ، فحزن الشاب ،

وقبل أن يهم بالخروج عاد وسأل العبقري مرة أخرى وقال : كيف وصلت لكل هذه العبقرية ؟ فرد عليه العبقري : لم استشر أحد كما تفعل الآن .

Abha/Tanouma61899 /P.O:198
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *