[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالرحمن ظافر [/COLOR][/ALIGN]

حالة الهوس النسائي الراهنة بالأثداء المتورمة والأرداف المستديرة والشفاه الغليظة لم تكن حديثة العهد أو بدعة هذا العصر ، إنما أراها نتيجة طبيعية لتراكم تعبوي مكثف و تاريخي بدأ منذ فجر الثورة السينمائية والبث التلفزيوني وتقنية الصورة ، وبالتحديد منذ أن تركزت تلك التعبئة المفاهيمية على حصر مفهوم « المرأة العصرية « في صورة نمطية واحدة تتمركز في فئة محددة من النساء فُرضت كنموذج مثالي لتلك العصرنة ، وهو النموذج النابت في تربة الموضة وسباقات الجمال وعوالم الفن والموديلز وسواها ، مما خلق مع الوقت وكثافة التوجيه وتطور وسائل الإعلام ثقافة استهلاكية سائدة عند معظم النساء « نحو حلم الجسد الأنثوي بالمعايير العصرية «والتي هي بالطبع ليست إلا معايير هوليودية بإلحاح .
من هنا دخلت المرأة – بعد أن فُتنت بتلك المعايير – في حالة من الصراع بين واقع جسدها وخيالها الخصب الذي تغذيه وسائل الإعلام المختلفة من مجلات وبرامج متخصصة عن أسرار الموضة وأساليب محاكاة المشاهير ونحوها والتي زاد اضطرامها مع دخول ما يعرف بـ « الطب التجميلي « في المنتصف ، حيث أعطى الأخير فسحة شاسعة من الأمل لتحقيق ما كان بالأمس حلماً مستعصياً ، ولأن هذا النوع من الطب يهدف بالدرجة الأولى للتكسب واستحلاب ثدي المال فقد وفق بدرجة كبيرة لاستثمار تلك النزعة العصرية من جهة ، وفي استغلال الوسائل الإعلامية بكافة أنماطها لخدمة هذا الاستثمار من جهة ثانية ، ومن جهة ثالثة نجاحه في توظيف شركات الدعاية والإعلان المتخمة بأحدث الأدوات الدعائية والترويجية لاستمالة وتوجيه أفئدة المهووسات بالانقلاب على واقعهن البدني نحو مراكزه وعياداته التي تفشت أورامه على سائر البدن العالمي بشكل مضطرد خلال العشر سنوات الأخيرة من جراء تنامي الطلب أولاً و تنامي العائدات والمكاسب ثانياً . الأمر الذي فتح السوق على مصراعيه أمام تجار تزوير الشهادات الطبية ومنتحلي التطبيب وصانعي أدوات وخامات التجميل وبالتالي التزاحم على تقاسم كعكة هذا النمط الاستثماري الجديد الذي ألقى بظلاله الوخيمة على جودة ومصداقية هذه التقنية ، الأمر الذي نجم عنه طوام عدة ومصائب مروعة وصلت في بعض الحالات إلى الموت أو ما يشبه الموت ، يشهد بذلك ما صرحت به جميع الهيئات والمنظمات المعنية بالصحة في العالم والتي كان آخرها هيئة الغذاء والدواء في السعودية .والسؤال الذي لا محالة يلوح في أذهان الكثيرين مثلي « أما من طريقة في مخاطبة وعي المرأة ولو لبرهة قصيرة في معزل عن هذا الإعلام الهائج الذي لا يرى فيها غير جسد ينضح بالمتع فقط .. فلربما بالإمكان إعادة صياغة مفهوم « المرأة العصرية « بشكل يحفظ للمرأة كرامتها التي استبيحت في أسواق البوتكس والسيلكون « .

[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *